مِنْ أَبِي بَكْرٍ بَعْضَ الْحَدِّ1، وَكَانَ هُوَ أَوْقَرَ مِنِّي وَأَحْلَمَ2 فَلَمَّا أَرَدْتُ الْكَلامَ قَالَ: عَلَى رسلك فكرهت (68/أ) أَنْ أَعْصِيَهُ.
فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بكر وأثنى عليه، ثم وَاللَّهِ مَا تَرَكَ كَلِمَةً كُنْتُ رَوَيْتُهَا فِي نَفْسِي إِلا جَاءَ بِهَا أَوْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا فِي بديهيته.
ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَمَا ذكرتم3 فِيهِ مِنْ خَيْرٍ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الأَمْرَ إِلا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ فَهُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَنَسَبًا، وَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، قَالَ: وَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بن الجراح، قال: فو الله مَا كَرِهْتُ مِمَّا قَالَ شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، كُنْتُ لأَنْ أقدم فتضرب عنقي ولا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ إِلَى إِثْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ. فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ مَقَالَتَهُ، قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ4 فَقَالَ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ5 وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ6 مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَإِلا أَجْلَبْنَا الْحَرْبَ فِيمَا بيننا