بَيَّنَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ صَاحِبُ الْمَغَازِي، فِي رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، وَفَصَلَ بَيْنَ أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَآخِرِهِ وَمَيَّزَ إِسْنَادَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
عَلَى أَنَّ الْحَمَّادَيْنِ – حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ وَحَمَّادَ بْنَ زَيْدِ بْنِ دِرْهَمٍ – قَدْ رَوَيَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ هَذَا الْحَدِيثَ وَسَاقَاهُ كَسِيَاقَةِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِ غَيْرَ أَنَّهُمَا أَرْسَلاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ جَابِرًا، وَهَذَا زِيَادَةٌ فِي الدِّلالَةِ عَلَى وَهْمِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ حِينَ حَكَى فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ مُعَاذًا سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ.
فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ إِسْحَاقَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ مُعَاذٍ وَفَصَلَ بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ – أَعْنِي أَوَّلَ الْحَدِيثِ (54/أ) وَآخِرَهُ – وَبَيَّنَ فِيهِمَا الإِسْنَادَيْنِ:
فَقَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، وَجَعَلُوهُ حَدِيثَيْنِ وَأَفْرَدَ كُلُّ واحد منهم عن ابن إِسْحَاقَ الْحَدِيثَ الْمُسْنَدَ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ، وَاسْتَأْنَفَ لِلثَّانِي مِنْهُمَا – وَهُوَ الْمُسْنَدُ – إِسْنَادًا جَدِيدًا.
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ وَصَدَقَةُ بْنُ سابق المعدل1 الْحَدِيثَ الثَّانِي، وَلا أَحْسَبُهُمَا إِلا قَدْ رَوَيَا الأَوَّلَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إِلَيْنَا.
وَاتَّفَقَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى أَنَّ مُعَاذًا رَوَى الحديث الثاني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عمرو بن الجموع -، وقال الحراني