عَلَيْهِ وَسلم تسموا بأسمي وَلَا تكنوا بكنيتى فصح أَن الِاسْم هُوَ الْمِيم والحاء وَالْمِيم وَالدَّال بِيَقِين لَا شكّ فِيهِ وَاحْتَجُّوا بقول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بِحَضْرَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَام إِذا كنت راضية عني قلت لَا وَرب مُحَمَّد وَإِذا كنت ساخطة قلت لَا وَرب إِبْرَاهِيم قَالَت أجل وَالله يَا رَسُول الله مَا أَهجر إِلَّا اسْمك فَلم يُنكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا ذَلِك القَوْل فصح أَن اسْمه غَيره بِلَا شكّ لِأَنَّهَا لم تهجر ذَاته وَإِنَّمَا هجرت اسْمه وَاحْتَجُّوا أَيْضا بقول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عز وَجل عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وأصدق الْأَسْمَاء همام والْحَارث وروى أكذبها خَالِد وَمَالك وَهَذَا كُله يبين أَن الِاسْم غير الْمُسَمّى فقد يُسمى عبد الله وَعبد الرَّحْمَن من يبغضه الله عز وَجل وَقد يُسمى من يكون كذابا الْحَارِث وهماما وَيُسمى الصَّادِق خَالِدا ومالكا فهم بِخِلَاف أسمائهم وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَن قَالُوا قد اجْتمعت الْأُمَم كلهَا عل أَنه إِذا سُئِلَ الْمَرْء مَا اسْمك قَالَ فلَان وَإِذا قيل لَهُ كَيفَ سميت ابْنك وعيدك قَالَ سميته فلَانا فصح أَن تَسْمِيَته هِيَ اخْتِيَاره وإيقاعه ذَلِك الِاسْم على الْمُسَمّى وَأَن الِاسْم غير الْمُسَمّى وَاحْتَجُّوا من طَرِيق النّظر بِأَن قَالُوا أَنْتُم تَقولُونَ أَن اسْم الله تَعَالَى هُوَ الله نَفسه ثمَّ لَا تبالون بِأَن تَقولُوا أَسمَاء الله تَعَالَى مُشْتَقَّة من صِفَاته فعليم مُشْتَقّ من علم وقدير مُشْتَقّ من قدرَة وَحي من حَيَاة فَإِذا اسْم الله هُوَ الله وَاسم الله مُشْتَقّ فَالله تَعَالَى على قَوْلكُم مُشْتَقّ وَهَذَا كفر بَارِد وَكَلَام سخيف وَلَا مخلص لَهُم مِنْهُ فَصحت الْبَرَاهِين الْمَذْكُورَة من الْقُرْآن وَالسّنَن وَالْإِجْمَاع وَالْعقل واللغة والنحو على أَن الِاسْم غير الْمُسَمّى بِلَا شكّ وَلَقَد أحسن أَحْمد بن جِدَار مَا شَاءَ أَن يحسن إِذْ يَقُول ... هَيْهَات يَا أُخْت آل بِمَا
غَلطت فِي الِاسْم والمسمى
لَو كَانَ هَذَا وَقيل سم
مَاتَ إِذا من يَقُول سما ...
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأَخْبرنِي أَبُو عبد الله السائح الْقطَّان أَنه شَاهد بَعضهم قد كتب الله فِي سحاة وَجعل يصلى إِلَيْهَا قَالَ فَقلت لَهُ مَا هَذَا قَالَ معبودي قَالَ فنفخت فِيهَا فطارت فَقلت لَهُ قد طَار معبودك قَالَ فضربني
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وموهوا فَقَالُوا فأسماء الله عز وَجل إِذا مخلوقة إِذْ هِيَ كَثِيرَة وَإِذ هى غير الله تَعَالَى قُلْنَا لَهُم وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن كُنْتُم تعنون الْأَصْوَات الَّتِي هِيَ حُرُوف الهجاء والمداء الخطوط بِهِ فِي الفواطيس فَمَا يخْتَلف مسلمان فِي كل ذَلِك مَخْلُوق وَإِن كُنْتُم تُرِيدُونَ الْإِيهَام والتمويه بِإِطْلَاق الْخلق على الله تَعَالَى فَمن أطلق ذَلِك فَهُوَ كَافِر بل أَن أَشَارَ مشير إِلَى كتاب مَكْتُوب فِيهِ الله أَو بعض أَسمَاء الله تَعَالَى أَو إِلَى كَلَامه إِذْ قَالَ يَا الله أَو قَالَ بعض أَسْمَائِهِ عز وَجل فَقَالَ هَذَا مَخْلُوق أَو هَذَا لَيْسَ ربكُم أَو تكفرون بِهَذَا لما حل لمُسلم إِلَّا أَن يَقُول حاشا لله من أَن يكون مخلوقا بل هُوَ رَبِّي وخالقي أُؤْمِن بِهِ وَلَا أكفر بِهِ وَلَو قَالَ غير هَذَا لَكَانَ كَافِرًا حَلَال الدَّم لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يسْأَل عَن ذَات الْبَارِي تَعَالَى وَلَا عَن الَّذِي هُوَ رَبنَا عز وَجل وخالقنا وَالَّذِي هُوَ الْمُسَمّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاء وَلَا إِلَى الَّذِي يخبر عَنهُ وَلَا إِلَى الَّذِي يذكر إِلَّا بِذكر اسْمه وَلَا بُد فَلَمَّا كَانَ الْجَواب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة يموه أهل الْجَهْل بإيصال مَا لَا يجوز إِلَى ذَات الله تَعَالَى لم يجز أَن يُطلق الْجَواب فِي ذَلِك الْبَتَّةَ إِلَّا بتقسيم كَمَا ذكرنَا وَكَذَلِكَ لَو كتب إِنْسَان مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب بن هَاشم أَو نطق بذلك ثمَّ قَالَ لنا هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم لَيْسَ رَسُول الله وتؤمنون بِهَذَا أَو تكفرون بِهِ لَكَانَ من قَالَ لَيْسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أكفر بِهِ كَافِرًا حَلَال الدَّم بِإِجْمَاع أهل الاسلام وَلَكِن نقُول بل هُوَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نؤمن بِهِ وَلَا يخْتَلف اثْنَان فِي الصَّوْت المسموع والخط الْمَكْتُوب لَيْسَ هُوَ الله وَلَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَإِن قَالُوا أَن أَحْمد بن حَنْبَل وَأَبا زرْعَة عبيد الله بن عبد الْكَرِيم وَأَبا حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الْحَنْظَلِي الراويين رَحِمهم الله تَعَالَى يَقُولُونَ أَن الِاسْم هُوَ المسمي قُلْنَا لَهُم هَؤُلَاءِ رَضِي الله عَنْهُم وَإِن كَانُوا من أهل السّنة وَمن أَئِمَّتنَا فليسوا معصومين من الْخَطَأ وَلَا أمرنَا الله عز وَجل بتقليدهم واتباعهم فِي كل مَا قَالُوهُ وَهَؤُلَاء رَحِمهم الله