غَفلَة شَدِيدَة وزلة عَالم من وُجُوه أَولهَا أَنه دَعْوَى لَا دَلِيل على صِحَّتهَا وَثَانِيها أَنه لَو كَانَ مَا ذكر لأمكن أَن ينبأ إِبْرَاهِيم فِي المهد كَمَا نبىء عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وكما اوتي يحي الحكم صَبيا فعلى هَذَا القَوْل لَعَلَّ إِبْرَاهِيم كَانَ نبياوقد عَاشَ عَاميْنِ غير شَهْرَيْن وحاشا لله من هَذَا وَثَالِثهَا أَن ولد نوح كَانَ كافرابنص الْقُرْآن عمل عملا غير صَالح فَلَو كَانَ أَوْلَاد الْأَنْبِيَاء أَنْبيَاء لَكَانَ هَذَا الْكَافِر المسخوط عَلَيْهِ نَبيا وحاشا لله من هَذَا وَرَابِعهَا لَو كَانَ ذَلِك لوَجَبَ ولابد أَن تكون الْيَهُود كلهم أَنْبيَاء إِلَى الْيَوْم بل جَمِيع أهل الأَرْض أَنْبيَاء لِأَنَّهُ يلْزم أَن يكون الْكل من ولد آدم لصلبه انبياءلان اباهم نَبِي واولاده أَنْبيَاء أَيْضا لِأَن آبَاءَهُم أَنْبيَاء وهم أَوْلَاد أَنْبيَاء وَهَكَذَا أبدا حَتَّى يبلغ الْأَمر إِلَيْنَا وَفِي هَذَا من الْكفْر لمن قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة وَثَبت عَلَيْهِ مَالا خَفَاء بِهِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلَعَلَّ من جهل مرَّتَيْنِ يَقُول عَنَّا هَذَا يُنكر نبوة أخوة يُوسُف وَيثبت نبوة نَبِي الْمَجُوس ونبوة أم مُوسَى وَأم عِيسَى وَأم إِسْحَاق عَلَيْهِم السَّلَام فَنحْن نقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَبِه نعتصم لسنا نقر بنبوة من لم يخبر الله عز وَجل بنبوته وَلم ينص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نبوته وَلَا نقلت الكواف عَن أَمْثَالهَا نقلا مُتَّصِلا مِنْهُ إِلَيْنَا معجزات النُّبُوَّة عَنهُ مِمَّن كَانَ قبل مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل ندفع نبوة من قَامَ الْبُرْهَان على بطلَان نبوته لِأَن تَصْدِيق نبوة من هَذِه صفته افتراء على الله تَعَالَى لَا يقدم عَلَيْهِ مُسلم وَلَا ندفع نبوة من جَاءَ الْقُرْآن بِأَن الله تَعَالَى نبأه فَأَما أم مُوسَى وَأم عِيسَى وَأم إِسْحَاق فالقرآن قد جَاءَ بمخاطبة الْمَلَائِكَة لبعضهن بِالْوَحْي وَإِلَى بعض مِنْهُنَّ عَن الله عز وَجل بالأنباء بِمَا يكون قبل أَن يكون وَهَذِه النُّبُوَّة نَفسهَا الَّتِي لَا نبوة غَيرهَا فَصحت نبوتهن بِنَصّ الْقُرْآن وَأما نَبِي الْمَجُوس فقد صَحَّ أَنهم أهل كتاب يَأْخُذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجِزْيَة مِنْهُم وَلم يبح الله تَعَالَى لَهُ أَخذ الْجِزْيَة إِلَّا من أهل الْكتاب فَقَط فَمن نسب إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَخذ الْجِزْيَة من غير أهل الْكتاب فقد نسب إِلَيْهِ أَنه خَالف ربه تَعَالَى وأقدم على عَظِيمَة تقشعر مِنْهَا جُلُود الْمُؤمنِينَ فَإذْ نَحن على يَقِين من أَنهم أهل كتاب فَلَا سَبِيل الْبَتَّةَ إِلَى نزُول كتاب من عِنْد الله تَعَالَى على غير نَبِي مُرْسل بتبليغ ذَلِك الْكتاب فقد صَحَّ بالبرهان الضَّرُورِيّ أَنهم قد كَانَ لَهُم نَبِي مُرْسل يَقِينا بِلَا شكّ وَمَعَ هَذَا فقد نقلت عَنهُ كواف عَظِيمَة معجزات الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وكل مَا نقلته كَافَّة على شَرط عدم التواطئ فَوَاجِب قبُوله وَلَا فرق بَين مَا نقلته كواف الْكَافرين أَو كواف الْمُسلمين فِيمَا شاهدته حواسهم وَمن قَالَ لَا أصدق إِلَّا مَا نقلته كواف الْمُسلمين فَإنَّا نَسْأَلهُ بِأَيّ شَيْء يَصح عِنْده موت مُلُوك الرّوم وَلم يحضرهم مُسلم أصلا وَإِنَّمَا نقلته إِلَيْنَا يهود عَن نَصَارَى وَمثل هَذَا كثير فَإِن كذب هَذَا غالط نَفسه وعقله وكابر حسه وَأَيْضًا فَإِن الْمُسلمين إِنَّمَا علمنَا أَنهم محقون لتحقيق نقل الكافة لصِحَّة مَا بِأَيْدِيهِم فبنقل الكافة علمنَا هدى الْمُسلمين وَلَا تعلم بِالْإِسْلَامِ صِحَة نقل الكافة بل هُوَ مَعْلُوم بِالْبَيِّنَةِ وضرورة الْعقل وَقد أخبر تَعَالَى أَن الْأَوَّلين زبر وَقَالَ تَعَالَى {ورسلا قد قصصناهم عَلَيْك من قبل ورسلا لم نقصصهم عَلَيْك} وَفِي هَذَا كِفَايَة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

الْكَلَام فِي يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام

وَذكروا أَيْضا أَخذ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَخَاهُ وايحاشه أَبَاهُ عَلَيْهِ اسلام مِنْهُ وَأَنه أَقَامَ مُدَّة يقدر فِيهَا على أَن يعرف أَبَاهُ خَبره وَهُوَ يعلم مَا يقاسى بِهِ من الوجد عَلَيْهِ فَلم بِفعل وَلَيْسَ بَينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015