من قبل صَاحب الْعشْرَة الأسباط إِلَى أَن أملهَا عَلَيْهِم من حفظه عزّر الْوراق الهاروني وهم مقرون أَنه وجدهَا عِنْدهم وفيهَا خللٌ كثير فأصلحه وَهَذَا يَكْفِي وَكَانَ كِتَابَة عزّر للتوراة بعد أَزِيد من سبعين سنة من خراب بَيت الْمُقَدّس وكتبهم تدل على أَن عزرا لم يَكْتُبهَا لَهُم وَلم يصلحها إِلَّا بعد نَحْو أَرْبَعِينَ عَاما من رجوعهم إِلَى الْبَيْت بعد السّبْعين عَاما الَّتِي كَانُوا فِيهَا خالين وَلم يكن فيهم حِينَئِذٍ نَبِي أصلا وَلَا الْقبَّة وَلَا التابوت وَاخْتلف فِي النَّار كَانَت عِنْدهم أم لَا وَمن ذَلِك الْوَقْت انتشرت التَّوْرَاة وَنسخت وَظَهَرت ظهوراً ضَعِيفا أَيْضا وَلم تزل تتداولها الْأَيْدِي مَعَ ذَلِك إِلَى أَن جعل أنطاكيوس الْملك الَّذِي بنى أنطاكية وثناً لِلْعِبَادَةِ فِي بَيت الْمُقَدّس وَأخذ بني إِسْرَائِيل بِعِبَادَتِهِ وَقربت الْخَنَازِير على مذبح الْبَيْت ثمَّ تولى أَمرهم قوم من بني هَارُون بعد مئتين من السنين وانقطعت القرابين فَحِينَئِذٍ انتشرت نسخ التَّوْرَاة الَّتِي بِأَيْدِيهِم الْيَوْم وأحدث لَهُم أَحْبَارهم صلوَات لم تكن عِنْدهم جعلوها بَدَلا من القرابين وَعمِلُوا لَهُم دينا جَدِيدا ورتبوا لَهُم الْكَنَائِس فِي كل قَرْيَة بِخِلَاف حَالهم طول دولتهم وَبعد هَلَاك دولتهم بأزيد من أَرْبَعمِائَة عَام وأحدثوا لَهُم اجتماعاً فِي كل سبت على مَا هم عَلَيْهِ الْيَوْم بِخِلَاف مَا كَانُوا طول دولتهم فَإِنَّهُ لم يكن لَهُم فِي شَيْء من بِلَادهمْ بَيت عبَادَة وَلَا مجمع ذكر وَتعلم وَلَا مَكَان قرْبَان قربَة الْبَتَّةَ إِلَّا بَيت الْمُقَدّس وَحده وَمَوْضِع السرادق قبل بُنيان بَيت الْمُقَدّس فَقَط وبرهان هَذَا أَن فِي سفر يُوشَع بن نون بإقرارهم أَن بنى رؤا بَين وَبني جادا وَنصف سبط منشأ إِذا رجعُوا بعد فتح بِلَاد الْأُرْدُن وفلسطين إِلَى بِلَادهمْ بشرقي الْأُرْدُن بنوا مذبحاً فهم يُوشَع بن نون وَسَائِر بني إِسْرَائِيل بغزوهم من أجل ذَلِك حَتَّى أرْسلُوا إِلَيْهِ أننا لم نقمه لَا لقربان وَلَا لتقديس أصلا ومعاذ الله أَن نتَّخذ مَوضِع تقديس غير الْمُجْتَمع عَلَيْهِ الَّذِي فِي السرادق وَبَيت الله فَحِينَئِذٍ كف عَنْهُم فَفِي دون هَذَا كِفَايَة لمن عقل فِي أَنَّهَا كتاب مبدل مَكْذُوب مَوْضُوع وَدين مَعْمُول خلاف الدّين الَّذِي يقرونَ أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَتَاهُم بِهِ وَمَا يزِيد الشَّيْطَان مِنْهُم أَكثر من هَذَا وَلَا فِي الضلال فَوق هَذَا ونعوذ بِاللَّه من الخذلان وَأَيْضًا فَإِن فِي التَّوْرَاة الَّتِي ترجمها السبعون شَيخا لبطليموس الْملك بعد ظُهُور التَّوْرَاة وفشوها مُخَالفَة للَّتِي كتبهَا لَهُم عزرا الْوراق وتدعي النَّصَارَى أَن تِلْكَ الَّتِي ترْجم السبعون شَيخا فِي اخْتِلَاف أَسْنَان الْآبَاء بَين آدم ونوح عَلَيْهِمَا السَّلَام الَّتِي من أجل ذَلِك الِاخْتِلَاف تولد بَين تَارِيخ الْيَهُود وتاريخ النَّصَارَى زِيَادَة ألف عَام ونيف على مَا نذْكر بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن كَانَ هُوَ كَذَلِك فقد وضح الْيَقِين وَكذب السبيعن شَيخا وتعمدهم لنقل الْبَاطِل وهم الَّذين عَنْهُم أخذُوا دينهم وأفٍ أفٍ لدين أَخذ عَن مُتَيَقن كذبه
وايضاً فَإِن فِي السّفر الْخَامِس من أسفار التَّوْرَاة الَّذِي يسمونه التّكْرَار أَن الله تَعَالَى قَالَ لمُوسَى اصْنَع لَو حِين على حَال الْأَوَّلين واصعد إِلَى الْجَبَل واعمل تابوتاً من خشب لأكتب فِي اللَّوْحَيْنِ الْعشْر كَلِمَات الَّتِي أسمعكم السَّيِّد فِي الْجَبَل من وسط اللهيب عِنْد اجتماعكم إِلَيْهِ وَيرى بهما إِلَيّ فَانْصَرَفت من الْجَبَل وجعلتهما فِي التابوت وهما فِيهِ إِلَى الْيَوْم وَفِي السّفر الْمَذْكُور أَيْضا بعد هَذَا الْفَصْل قَالَ وَمن بعد أَن كتب مُوسَى هَذِه العهود فِي مصحف واستوعبها أَمر نبى لاوي حاملي تَابُوت عهد الرب وَقَالَ لَهُم خُذُوا هَذَا الْمُصحف واجعلوه فِي المذبح وَاجْعَلُوا عَلَيْهِ تَابُوت عهد الرب إِلَهكُم ليَكُون عَلَيْكُم شَاهدا وَقَالَ قبل ذَلِك فِي السّفر الْمَذْكُور أَيْضا إِذا استجمعتم على تَقْدِيم ملك عَلَيْكُم على حَال مُلُوك الْأَجْنَاس فَلَا تقدمُوا إِلَّا