أخيهما عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا ذكرنَا وَأَن مَرْيَم مَرضت وأخرجت من المعسكر سَبْعَة أَيَّام حَتَّى بَرِئت ثمَّ رجعت وَأَن بعد ذَلِك وَجه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام الاثْنَي عشر رجلا الَّذين كَانَ من جُمْلَتهمْ هوشع ابْن نون الافرايمي وكالب بن يفنة اليهوذاني ليروا الأَرْض المقدسة وَذكر أَنهم طافوها فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ رجعُوا وخوفوا بني إِسْرَائِيل حاشا كالب وهوشع وَأَن الله تَعَالَى سخط عَلَيْهِم وأهلكهم وَأوحى إِلَى مُوسَى أما جيفكم فستكون ملقاة فِي المفاز وَيكون أَوْلَادكُم سابحين فِي المفاز أَرْبَعِينَ سنة على عدد الْأَرْبَعين يَوْمًا الَّتِي دوختم فِيهَا الْبَلَد اجْعَل لكم كل يَوْم سنة وتكافئون أَرْبَعِينَ سنة بخطاياكم وَأَنَّهُمْ بقوا فِي التيه أَرْبَعِينَ سنة فَلَمَّا أَتموا أَمرهم الله عز وَجل بالحركة فتحركوا ثمَّ مَاتَت مَرْيَم أُخْت مُوسَى عَلَيْهَا السَّلَام ثمَّ مَاتَ هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ حَارب مُوسَى عوج وسحون الْملكَيْنِ واحذ بلادهما وَأعْطى بلادهما لبني رؤابين وَبني جادا وَنصف سبط منشا ثمَّ حَارب المدينتين وَقتل ملوكهما ثمَّ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام مَاتَ وَله مائَة سنة وَعِشْرُونَ سنة وَفِي صدر توراتهم أَنه عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ خرج عَن مصر كَانَ لَهُ ثَمَانُون سنة هَذَا كُله نَص توراتهم حرفا حرفا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ هَذَا كذب فَاحش وَقد قُلْنَا أَن الَّذِي عمل لَهُم التَّوْرَاة الَّتِي بِأَيْدِيهِم كَانَ قَلِيل الْعلم بِالْحِسَابِ ثقيل الْيَد فِيهِ جدا أَو عياراً مَاجِنًا مستخفاً لَا دين لَهُ سخر مِنْهُم بأمثال التيوس وَالْحمير لِأَنَّهُ إِذا أخرج وَله ثَمَانُون سنة وَبَقِي بعد خُرُوجه سنة وشهرا ثمَّ تاهوا أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ قَاتلُوا ملوكاً عدَّة وقتلوهم وَأخذُوا بِلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ فقد اجْتمع من ذَلِك ضَرُورَة زِيَادَة على الْمِائَة وَالْعِشْرين سنة أَكثر من سنة وَلَا بُد والأغلب أَنَّهُمَا سنتَانِ زائدتان فكذب وَلَا بُد فِي سنّ مُوسَى إِذْ مَاتَ أَو كذب الْوَعْد الَّذِي أخبر عَن الله تَعَالَى بتيههم أَرْبَعِينَ سنة حاشا للباري تَعَالَى أَن يكذب أَو أَن يغلط فِي دقيقة أَو أقل وحاشا لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مثل ذَلِك وَصَحَّ أَنَّهَا مولودة مَوْضُوعَة
ثمَّ ذكر فِي السّفر الْخَامِس فَقَالَ إِن طلع فِيكُم نَبِي وَادّعى أَنه رأى رُؤْيا وأتاكم بِخَبَر مَا يكون وَكَانَ مَا وَصفه ثمَّ قَالَ لكم بعد ذَلِك اتبعُوا أَبنَاء إلهة الْأَجْنَاس فَلَا تسمعوا لَهُ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا الْفَصْل شنعة من شنع الدَّهْر وتدسيس كَافِر مُبْطل للنبوات كلهَا لِأَنَّهُ أثبت النُّبُوَّة بقوله إِن طلع فِيكُم نَبِي ويصدقه فِي الْأَخْبَار بِمَا يكون ثمَّ أَمرهم بمعصيته إِذا دعاهم إِلَى اتِّبَاع آلِهَة الْأَجْنَاس وَهَذَا تنَاقض فَاحش وَلَئِن جَازَ أَن يكون نَبِي يصدق فِيمَا ينذر بِهِ يدعوا إِلَى الْبَاطِل وَالْكفْر فَلَعَلَّ صَاحب هَذِه الْوَصِيَّة من أهل هَذِه الصّفة وَمَا الَّذِي يؤمننا من ذَلِك وَهل هَا هُنَا يُوجب تَصْدِيقه