وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّمْيَ فِعْلُ مُبَاشَرَةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَّصِلُ قُوتُهُ بِهِ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قُوتِهِ، وَلَوْ رَمَى إنْسَانًا فَمَاتَ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْقَتْلَ بِيَدِهِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْكَلْبِ لَيْسَ بِفِعْلِ مُبَاشَرَةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ لَا يُجْعَلُ كَالْقَاتِلِ بِيَدِهِ حَتَّى يَجِبَ الْقِصَاصُ، وَلَا يَتَّصِلُ قُوتُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي ذَلِكَ السَّبَبِ وَجَبَ الضَّمَانُ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا، فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الْحَفْرِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا، كَذَا هَذَا.