وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْعُمُومِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: دَفَعْتُ إلَيْك هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ.
اقْتَضَى عُمُومَ التَّصَرُّفِ، فَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ نَوْعًا مِنْ الْمَالِ دُونَ نَوْعٍ فَقَدْ اقْتَضَى شَرْطًا زَائِدًا عَلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يُصَدَّقُ.
652 - إذَا وَكَّلَ أَبُو الصَّبِيِّ وَكِيلًا يَبِيعُ مَالَ الصَّبِيِّ فَمَاتَ الْأَبُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ.
وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ نَصَّبَ قَاضِيًا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَنْعَزِلْ الْقَاضِي.
وَالْفَرْقُ أَنَّ عَقْدَ الْإِمَامِ وَقَعَ لِسَائِرِ النَّاسِ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُمْ تَوَلَّوْا بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَبُ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ وَقَعَ لِلصَّبِيِّ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ، فَلَا يُجْعَلُ كَأَنَّ الصَّبِيَّ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ فَبَقِيَ الْأَبُ هُوَ الْآمِرُ، فَإِذَا مَاتَ بَطَلَ أَمْرُهُ فَبَطَلَ أَمْرُ مَنْ يَتَصَرَّفُ مِنْ جِهَتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ مَاتَ الِابْنُ وَجَبَ أَلَّا يُبْطِلَ وَكَالَتَهُ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ بَاقٍ.
قُلْنَا: وَإِنْ بَقِيَ الْآمِرُ إلَّا أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي انْعَقَدَ فِيهِ التَّوْكِيلُ قَدْ زَالَ بِالْمَوْتِ، فَصَارَ زَوَالُهُ بِمَوْتِهِ كَزَوَالِهِ بِبَيْعِهِ، وَلَوْ بَاعَ الْمُوَكِّلُ مَا وَكَّلَ بِبَيْعِهِ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ، كَذَلِكَ هَذَا.
653 - إذَا قَالَ: بِعْهُ وَاشْهَدْ عَلَيْهِ. فَبَاعَهُ وَلَمْ يُشْهَدْ، جَازَ.
وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ وَارْتَهِنْ بِثَمَنِهِ، فَبَاعَ وَلَمْ يَرْتَهِنْ لَمْ يَجُزْ.