وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِي حُقُوقِ عَقْدِهِ، وَتَنْتَقِلُ الْعُهْدَةُ إلَيْهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ الْمُوَرِّثُ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ، وَيَرُدُّ بِالْعَيْبِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ يَدَّعِي الِاسْتِحْقَاقَ بِحَقِّ الْعَقْدِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِنَفْسِهِ مِنْهُ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَمْ يُكَلَّفْ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا، كَذَلِكَ هَذَا. وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ ثَالِثٍ غَيْرِ الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي الِاسْتِحْقَاقَ عَلَيْهِ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَا بِحَقِّ الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي الشِّرَاءَ مِنْهُ، وَإِذَا ادَّعَى الِاسْتِحْقَاقَ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِهَةِ الْمِلْكِ، فَكُلِّفَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ.
586 - إذَا بَاعَ الرَّجُلُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ غَابَ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنِّي أَبِيعُ الْجَارِيَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَأَنْقُدُ الْبَائِعَ الثَّمَنَ، هَذَا كَمَا إذَا كَانَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَقِيلَ إنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَكِنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَأَسْنَدَهُ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.