مِنْهُ غَاصِبٌ آخَرُ ثُمَّ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ الشَّيْءَ فَهُوَ فَيْءٌ، وَيَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي حِينَ أَخَذَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ لَا يَدَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ حُكْمُ دَارِنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ غَصَبَ ثُمَّ لَحِقَ بِالدَّارِ ثُمَّ لَحِقَهُ صَاحِبُهُ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ غَصَبَهُ ثَانِيًا فَهُوَ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَدَّهُ عَلَيْهِ زَالَ الضَّمَانُ، وَالْغَصْبُ الثَّانِي لَمْ يُوجِبْ ضَمَانًا.
فَصْلٌ
398 - إذَا اشْتَرَى الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَصَارَ ذِمِّيًّا وَلَوْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَالٍ فَأَخَذَ مِنْهُ الْعُشْرَ لَمْ يَصِرْ ذِمِّيًّا.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَرَاجَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَصَارَ الْحُكْمُ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حُكْمًا بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَصَارَ مُلْتَزِمًا حُكْمَ الذِّمَّةِ فَأُلْزِمَ حُكْمَهُ، وَصَارَ ذِمِّيًّا كَمَا لَوْ قَبِلَ الْجِزْيَةَ.
وَالْعُشْرُ لَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمَنْ الْحَرْبِيِّ يُؤْخَذُ الْعُشْرُ كَامِلًا، وَإِنْ زَادُوا فِي الْأَخْذِ مِنَّا زِدْنَا فَلَمْ يَكُنْ بِالْتِزَامِهِ مُلْتَزِمًا حُكْمَ الذِّمَّةِ، فَلَمْ يَصِرْ ذِمِّيًّا.
وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ لَا يَجِبُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالْمُسْتَأْمَنُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ