مُكَايَدَةِ الْعَدُوِّ مِنْ غَيْرِ إعَانَةٍ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ مَأْمُورًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الرُّمْحُ فِي جَوْفِهِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْفُذْهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَشْيِ إلَى ذَلِكَ يَزِيدُ جِرَاحَهُ، وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَ الْمَقْتَلَ فَيَقْتُلَهُ فَيَصِيرُ بِهِ مُعِينًا عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، فَكُرِهَ لَهُ ذَلِكَ.

376 - حَرْبِيٌّ دَخَلَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَبَايَعَهُ مُسْلِمٌ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَبَايَعَهُمْ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ جَازَ إنْ كَانَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَقَدْ رَضِيَ بِتَمْلِيكِهِ عَلَيْهِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْمُسْلِمِ بِدُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ آمِنًا لَمْ يَصِرْ لَهُمْ عَاقِدًا عَقْدَ الْأَمَانِ، بِدَلِيلِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَوْ قَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ مَلَكَهُ، وَكَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمُسْلِمَ وَعَدَ أَلَّا يَأْخُذَ مَالَهُمْ إلَّا بِرِضَاهُمْ، فَيَجِبُ أَنْ يَفِيَ بِمَا وَعَدَ، فَبَقِيَ مَالُهُمْ عَلَى الْإِبَاحَةِ فَإِذَا تَوَصَّلَ إلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ عَهْدٍ بِرِضَاهُمْ جَازَ.

وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ إذَا دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَقَدْ عَقَدْنَا لَهُ عَقْدَ الْأَمَانِ، بِدَلِيلِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا إذَا أَخَذَ مَالَهُ لَا يَمْلِكُهُ، فَخَرَجَ مَالُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِبَاحَةِ، فَصَارَ مَالًا مُحْرَزًا بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِالْقَهْرِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالْعَقْدِ، وَتَمْلِيكُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ بِالْعَقْدِ يَكُونُ رِبًا فَلَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015