وَأَمَّا إذَا قُذِفَ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ فَالْقَذْفُ لَيْسَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ غَيْرَ مُحْصَنٍ، فَلَمْ يَجِبْ بِإِلْحَاقِ الشَّيْنِ بِهِ حَدٌّ، فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ.
352 - غَيْرُ مُحْصَنٍ إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَذَفَ الْمُحْصَنَةَ اسْتَوْفَى الْجَمِيعَ، فَيُبْدَأُ بِحَدِّ الْقَذْفِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ بَدَأَ بِحَدِّ الزِّنَا، وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ بِالسَّرِقَةِ، وَيُؤَخِّرُ حَدَّ الشُّرْبِ.
وَأَمَّا الْمُحْصَنُ إذَا أَقَرَّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ قُدِّمَ حَدُّ الْقَذْفِ ثُمَّ رُجِمَ، وَسَقَطَ حَدُّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ اتَّصَلَ بِحَقِّ الْآدَمِيِّينَ لِأَنَّهُ إلَيْهِ الطَّلَبُ، وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إذَا اجْتَمَعَ مَعَ حَقِّ الْآدَمِيِّينَ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّينَ كَالدَّيْنِ وَالزَّكَاةِ، وَإِذَا اسْتَوْفَى هَذِهِ الْحُدُودَ بَقِيَتْ حُدُودُ اللَّهِ كُلُّهَا وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، فَاسْتَوْفَى الْكُلَّ وَحَدُّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ اسْتَوَيَا فِي التَّأَكُّدِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ لِلَّهِ تَعَالَى ثَبَتَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَحَدُّ الشُّرْبِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ فَكَانَ أَضْعَفَ مِنْ الَّذِي ثَبَتَ بِالْقُرْآنِ، فَيَجِبُ أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْهُ.