وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي بَابِ الْأَمْوَالِ وَالْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ هُنَا مُتَمَكِّنَةٌ فِي الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ حَقًّا فِي مَالِ ابْنِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَكَذَلِكَ لِلْبَائِعِ حَقٌّ فِي الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ يُقَامُ مَقَامَ الْمِلْكِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا حُكْمُ الْمِلْكِ فِيهَا بَاقٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ لَا يُوجِبُ زَوَالَ الْمِلْكِ وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَكَةُ مِلْكُهُ فِيهَا بَاقٍ فَصَادَفَ وَطْؤُهَا مِلْكَهُ، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ فِي الْبَعْضِ فَسَقَطَ فِي الْبَاقِي، وَإِذَا كَانَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْعَيْنِ اسْتَوَى عِلْمُهُ وَجَهْلُهُ، فَسَوَاءٌ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي أَوْ لَمْ يَقُلْ وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ الْمُوجِبَةُ لِسُقُوطِ الْحَدِّ فَسَقَطَ، وَفِي الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَا، الشُّبْهَةُ فِي الْفِعْلِ فَإِذَا قَالَ عَلِمْتُ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ لَمْ يَبْقَ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ وَلَا شُبْهَةٌ لَهُ فِي الْعَيْنِ فَلَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ.
فَإِنْ قِيلَ: مِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَا يَقَعُ فَلَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَلِمَ لَا يُجْعَلُ هَذَا كَالْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّهَا غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ لَا يُحَدُّ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِمَّا لَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا عِنْدَنَا، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ حُكْمٌ وَلِهَذَا قُلْنَا لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حُدَّ، وَإِنْ قَالَ: