اسْتِيفَاؤُهَا إلَى السُّلْطَانِ، وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فَسَقَطَ الْحَدُّ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ فَسَقَ بِقَتْلِهِ فَانْعَزَلَ، وَالْقِصَاصُ لَا يَحْتَاجُ فِي اسْتِيفَائِهِ إلَى الْإِمَامِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَقَتْلُهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، فَوَجَبَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ كَالدُّيُونِ.
342 - إذَا قُذِفَ الْمَيِّتُ فَلِوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَجَدِّهِ أَنْ يَأْخُذُوا بِالْحَدِّ.
وَلَا يَجُوزُ لِأَخِيهِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَدِّ.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ صَارَ طَاعِنًا فِي نَسَبِ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَبُوكَ زَنَى فَلَا يَتَّصِلُ نَسَبُكَ وَيَقُولُ لِلْجَدِّ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ حَفَدَتِكَ مِنْهُ فَقَدْ عَيَّرَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ وَطَعَنَ فِي نَسَبِهِ، فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْحَدِّ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَخُ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْأَخِ لَا يَرْجِعُ إلَى أَخِيهِ، فَلَمْ يَصِرْ طَاعِنًا فِي نَسَبِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الطَّلَبِ كَالْأَجَانِبِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ طَاعِنًا فِي نَسَبِ هَؤُلَاءِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الطَّلَبُ حَالَ حَيَاتِهِ.
قُلْنَا: إذَا كَانَ حَيًّا لَا تَلْحَقُهُمْ مَعَرَّةٌ بِهَذَا الْقَوْلِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ دُونَهُمْ.