وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَهَادَةً؛ إذْ شَهَادَةُ الْحُرِّ شَهَادَةٌ، فَإِذَا رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، صَارَ الْآخَرُ قَاذِفًا، فَقَدْ قَذَفُوا مَيِّتًا وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
332 - إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَمْهَلَهُ الْقَاضِي مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ.
وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الشُّهُودَ فُسَّاقٌ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ قَاضِيًا لَوْ قَضَى بِشَهَادَةٍ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَمْ يَجُزْ فَهُوَ يُبَيِّنُ بَيِّنَتَهُ أَنَّ مَا أُقِيمَ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً؛ إذْ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ لَا تُقْبَلُ، فَكَانَ مُخَلِّصًا وَإِذَا ادَّعَى مُخَلِّصًا وَبَيَّنَهُ بِالْبَيِّنَةِ تُقْبَلُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْفِسْقُ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ قَاضِيًا لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ فَإِنَّا لَمْ نَنْقُضْ قَضَاؤُهُ، فَلَمْ يَدَّعِ مُخَلِّصًا، وَإِنَّمَا طَعَنَ فِي الشَّاهِدِ وَالطَّعْنُ شُرِعَ سِرًّا فَإِذَا أَتَى بِهِ جَهْرًا لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَهُ، كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ شُرِعَتْ جَهْرًا فَإِذَا أَتَى بِهَا سِرًّا لَمْ تَقَعْ مَوْقِعَهَا، كَذَا هَذَا.