فَجَمِيعُ مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ صَدَقَةٌ، وَكَانَ فِي يَدِهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا.
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الزَّوْجِ خَلَعْتُهَا عَلَى مَا فِي يَدَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ حَتَّى يَكُونَ وَزَّانًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ قَالَ: خَلَعْتُكِ عَلَى دَرَاهِمَ فِي يَدِكِ، فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
وَلَئِنْ أَجْرَيْنَاهُ عَلَى الظَّاهِرِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا فَنَقُولُ: مِنْ لِتَبْعِيضِ الْعَدَدِ، وَيَكُونُ لِتَمْيِيزِ الْجِنْسِ، وَيَكُونُ لِلصِّلَةِ وَالْمَقْصُودُ فِي الْخُلْعِ إثْبَاتُ ذَلِكَ الْمَالِ فِيهِ، فَلَوْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ: مِنْ الدَّرَاهِمِ، عَلَى تَبْعِيضِ الْعَدَدِ لَأَبْطَلْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَجْهُولًا وَجَهَالَةُ الْبَدَلِ فِي الْخُلْعِ تَمْنَعُ ثُبُوتَهُ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى تَمْيِيزِ الْجِنْسِ أَوْ الصِّلَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: خَلَعْتُكِ عَلَى دَرَاهِمَ فِي يَدَيَّ، وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ فَلَزِمَهُ.
وَأَمَّا فِي النُّذُورِ فَالْمَقْصُودُ إيجَابُ التَّصَدُّقِ، فَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى التَّبْعِيضِ لَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهُ؛ لِأَنَّ إيجَابَ التَّصَدُّقِ بِالْمَجْهُولِ يَجُوزُ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى تَبْعِيضِ الْعَدَدِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى الْعَدَدَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ مِنْ لِتَمْيِيزِ الدَّرَاهِمِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا دَخَلَ لِتَمْيِيزِ الْعَدَدِ وَتَبْعِيضِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ فِي يَدَيَّ بَعْضُ الْعَدَدِ الَّتِي سَمَّى دَرَاهِمَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَالدِّرْهَمَانِ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ؛ فَلَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِهَا.
237 - إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً؛ فَطَلُقَتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَ ثَانِيًا؛ لَمْ تَطْلُقْ.