وَقَدْ قَالَ فِي النِّكَاحِ: لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ كُوفِيَّاتٍ ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَ مَكِّيَّةً جَازَ نِكَاحُهَا، فَجُعِلَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا هَاهُنَا.
فَمِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ: رِوَايَتَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إحْدَاهُمَا عَلَى الْخِلَافِ، وَقَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَاكَ قَوْلُهُمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الَّذِي ذَكَرْتُ فِيهَا وُجُوهَ الرِّوَايَاتِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ مَكِّيَّةً فَقَدْ فَعَلَ مَا دَلَّ عَلَى صَرْفِ الطَّلَاقِ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْعَيْنِ وَهُوَ تَزَوُّجُهَا، وَلَهُ صَرْفُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: صَرَفْتُ الطَّلَاقَ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْعَيْنِ، وَلَوْ قَالَ هَكَذَا ثُمَّ تَزَوَّجَ خَامِسَةً جَازَ، كَذَا هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا دَلَّ عَلَى صَرْفِ الطَّلَاقِ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فِعْلًا وَغَيْرُهُ أَرْضَعَهُمَا فَلَمْ يَصِرْ مُعَيَّنًا، فَبَقِيَ حُكْمُ الْعَقْدِ، فَصَارَتَا أُخْتَيْنِ فَفَسَدَ النِّكَاحُ.
235 - إذَا خَلَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ فِي يَدِهَا شَيْءٌ؛ فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.
وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَبِلَهُ الْعَبْدُ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَزِمَهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ فِي خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الزَّوْجِ، وَيَجُوزُ عَقْدُ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَدَلِ، وَجَهَالَةُ الْبَدَلِ لَا تَمْنَعُ صِحَّتَهُ فَصَحَّ الْعَقْدُ، وَقَدْ