الْقَرَابَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ فَنَحْنُ لَا نُرِيدُهَا، وَلَا نُرِيدُ التَّامَّةَ الَّتِي هِيَ الْخُصُوصَاتُ بَلْ النَّاقِصَةَ الَّتِي هِيَ الْمُشْتَرَكَاتُ، وَهِيَ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ وَمُطْلَقُ النِّكَاحِ وَمُطْلَقُ الْوَلَاءِ
وَالدَّلِيلُ عَلَى حَصْرِ غَيْرِ التَّامَّةِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ أَنَّ الْأَمْرَ الْعَامَّ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ التَّامَّةِ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ إبْطَالُهُ أَوْ لَا فَإِنْ أَمْكَنَ فَهُوَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إبْطَالُهُ فَإِمَّا أَنْ يَقْتَضِيَ التَّوَارُثَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَالِبًا أَوْ لَا فَإِنْ اقْتَضَى التَّوَارُثَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَالِبًا فَهُوَ الْقَرَابَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ إلَّا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَرَابَةِ وَإِنْ كَثُرَتْ فَنَحْنُ لَا نُرِيدُهَا، وَلَا نُرِيدُ التَّامَّةَ الَّتِي هِيَ الْخُصُوصَاتُ بَلْ النَّاقِصَةُ الَّتِي هِيَ الْمُشْتَرَكَاتُ، وَهِيَ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ وَمُطْلَقُ النِّكَاحِ وَمُطْلَقُ الْوَلَاءِ)
قُلْت: هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا مُنَاقِضٌ فِي ظَاهِرِهِ لِقَوْلِهِ إنَّ أَسْبَابَ الْقَرَابَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ فَنَحْنُ لَا نُرِيدُهَا لَكِنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ لَا نُرِيدُ مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْقَرَابَةُ لَا خُصُوصَ كَوْنِ الْقَرَابَةِ بُنُوَّةً مَثَلًا، وَلَكِنْ نُرِيدُ مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ، وَأَعَمُّ مِنْ الثَّانِي، وَهُوَ قَرَابَةُ مَاءٍ، وَنِكَاحُ مَاءٍ، وَوَلَاءُ مَاءٍ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِمَا قَرَّرَهُ ضَابِطًا بَعْدَ هَذَا
قَالَ (وَالدَّلِيلُ عَلَى حَصْرِ غَيْرِ التَّامَّةِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْأَمْرَ الْعَامَّ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ التَّامَّةِ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ إبْطَالُهُ أَوْ لَا فَإِنْ أَمْكَنَ فَهُوَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إبْطَالُهُ، فَإِمَّا أَنْ يَقْتَضِيَ التَّوَارُثَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَالِبًا، وَهُوَ الْقَرَابَةُ أَوْ لَا يَقْتَضِيَ إلَّا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَهُوَ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَايَةِ وَنَفْسًا عَلَى الْخَيْرِ إلَى الْغَايَةِ وَنَفْسًا يَهْلَكُ مَا عَظَّمَتْهُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَيْنِ، وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يُؤْذِي بِالْعَيْنِ، وَأَحْوَالُ مَنْ يُؤْذِي بِهَا مُخْتَلِفَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَصِيدُ الطَّيْرَ فِي الْهَوَى وَيَقْلَعُ الشَّجَرَ الْعَظِيمَ مِنْ الْقُرَى، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَصِلُ بِهَا إلَّا إلَى التَّمْرِيضِ اللَّطِيفِ وَنَحْوِهِ وَنَفْسًا عَلَى صِحَّةِ الْحَزْرِ بِحَيْثُ لَا يُخْطِئُ الْغَيْبَ عِنْدَ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَهُمْ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ الرَّمَلِ أَبَدًا وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي أَحْكَامِ النُّجُومِ أَبَدًا وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ الْكَفِّ أَبَدًا وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ السَّيْرِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ طُبِعَتْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ تُطْبَعْ عَلَى غَيْرِهِ فَمَنْ تَوَجَّهَتْ نَفْسُهُ لِطَلَبِ الْغَيْبِ عِنْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْخَاصِّ أَدْرَكَتْهُ بِخَاصِّيَّتِهَا فَقَطْ، لَا لِأَنَّ النُّجُومَ فِيهَا شَيْءٌ، وَلَا الْكَتِفَ، وَلَا الرَّمَلَ، وَلَا بَقِيَّتَهَا بَلْ هِيَ خَوَاصُّ نُفُوسٍ فَقَطْ. أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَهُمْ يَجِدُ صِحَّةَ أَعْمَالِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ شَابٌّ فَإِذَا صَارَ كَبِيرًا فَقَدَهَا؛ لِأَنَّ الْقُوَّةَ نَقَصَتْ عَنْ تِلْكَ الْحِدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الشُّبُوبِيَّةِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ.
قُلْتُ: ثُمَّ إنَّ خَوَاصَّ النُّفُوسِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي خَوَاصِّ الْحَقَائِقِ مِنْهَا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَخَوَاصِّ النُّفُوسِ الْمَذْكُورَةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَجْهُولٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمِنْهَا مَا يَعْلَمُهُ مِنْ النَّاسِ الْأَفْرَادُ قَالَ الْأَصْلُ كَجَمَاعَةٍ فِي الْهِنْدِ إذَا وَجَّهُوا أَنْفُسَهُمْ لِقَتْلِ شَخْصٍ انْتَزَعُوا قَلْبَهُ مِنْ صَدْرِهِ بِالْهِمَّةِ وَالْعَزْمِ وَقُوَّةِ النَّفْسِ فَإِذَا مَاتَ وَشُقَّ صَدْرُهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ قَلْبُهُ وَيُجَرِّبُونَ بِالرُّمَّانِ فَيَجْمَعُونَ عَلَيْهِ هِمَمَهُمْ فَلَا تُوجَدُ فِيهِ حَبَّةٌ. اهـ. وَمِنْ حَيْثُ إنَّ هَذَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا الْأَفْرَادُ مِنْ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ، وَمَا حَكَاهُ عَنْ الْهِنْدِ لَا أَدْرِي صِحَّتَهُ مِنْ سَقَمِهِ اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الشِّنْقِيطِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِهِ رُشْدَ الْغَافِلِ: إنَّ مَصَّ دِمَاءِ الْقَلْبِ أَوْ نَزْعَ الْقَلْبِ نَفْسَهُ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَنْ طَبْعٍ كَمَا هُوَ مِنْ جَمَاعَةٍ فِي الْهِنْدِ إذَا وَجَّهَ أَحَدُهُمْ نَفْسَهُ لِقَتْلِ شَخْصٍ انْتَزَعَ قَلْبَهُ مِنْ صَدْرِهِ بِالْهِمَّةِ وَالْعَزْمِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْأَصْلُ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ زِكْرِيٍّ فِي شَرْحِ النَّصِيحَةِ قَالَ: وَالْغَالِبُ حُصُولُ الْمَصِّ الْمَذْكُورِ وَالنَّزْعِ عَنْ كَسْبٍ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي السُّودَانِ سَوَاءٌ وُلِدَ فِي أَرْضِهِمْ أَوْ فِي أَرْضِنَا، وَقَالَ قَبْلُ: وَبَعْضُ النَّاسِ يُسَمِّي الْمَصَّ الْمَذْكُورَ وَالنَّزْعَ بِسُغُنْيَا بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَنُونٍ سَاكِنَةٍ، وَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ بِالسَّلَّالَةِ بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْأُولَى فَأَلْفٌ فَلَامٌ مُخَفَّفَةٌ فَهَاءُ تَأْنِيثٍ اهـ وَسَيَأْتِي فِي وَصْلِ الْأَوْفَاقِ مَا قَالَهُ فِي شِفَاءِ مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَتَرَقَّبْ.
قُلْتُ: وَهَذَا النَّوْعُ وَنَحْوُهُ مِنْ خَوَاصِّ النُّفُوسِ هُوَ الَّذِي يَلْتَبِسُ بِهِ السِّحْرُ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ الْأَصْلُ وَتَبِعَهُ ابْنُ زِكْرِيٍّ فِي شَرْحِ النَّصِيحَةِ: وَخَوَاصُّ النُّفُوسِ كَثِيرَةٌ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَإِلَى تَبَايُنِ الْأَخْلَاقِ وَالْخَلْقِ وَالسَّجَايَا وَالْقُوَى كَمَا أَنَّ الْمَعَادِنَ كَذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» اهـ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْإِشَارَةَ إلَى مَا ذَكَرَهُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.
(الْوَصْلُ الرَّابِعُ) الْأَوْفَاقُ وَتُسَمَّى عِلْمَ الْأَشْكَالِ وَعِلْمَ الْجَدَاوِلِ وَتُسَمَّى الْأَشْكَالَ وَالْجَدَاوِلَ بِالْمُثَلَّثِ وَالْمُرَبَّعِ وَالْمُخَمَّسِ وَنَحْوِهَا أَيْ كَمُسَبَّعِ السَّلَّالَةِ الْآتِي وَهِيَ مِنْ الْبَاطِلِ إذَا قَصَدَ بِهَا إضْرَارَ أَوْ نَفْعَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ شَرْعًا مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجُرْأَةِ عَلَى أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا لِأَغْرَاضٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ بِابْنِ الْبَوْنِيِّ، وَأَشْكَالِهِ أَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهَا غَرَضٌ لَا اعْتِرَاضَ لِلشَّرْعِ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمُثَلَّثِ الْغَزَالِيِّ أَيْ مَمْلُوءُ الْوَسَطِ لِتَيْسِيرِ الْعَسِيرِ، وَإِخْرَاجِ الْمَسْجُونِ، وَإِيضَاعِ الْجَنِينِ مِنْ الْحَامِلِ وَتَيْسِيرِ الْوَضْعِ، وَكُلِّ مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَنُسِبَ لِلْغَزَالِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْتَنِي بِهِ كَثِيرًا، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ هَذَا الْمُثَلَّثَ بِصُورَتِهِ الْآتِيَةِ يُسَمَّى بِخَاتَمِ أَبِي سَعِيدٍ