زَرْعُ الْآخَرِ وَالنَّفْشُ رَعْيُ اللَّيْلِ وَالْهَمْلُ رَعْيُ النَّهَارِ بِلَا رَاعٍ. الثَّانِي أَنَّهُ فَرَّطَ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا. الثَّالِثِ أَنَّهُ بِالنَّهَارِ يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ دُونَ اللَّيْلِ وَقَدْ اعْتَبَرْتُمْ ذَلِكَ فِي قَوْلِكُمْ إنْ رَمَتْ الدَّابَّةُ حَصَاةً كَبِيرَةً أَصَابَتْ إنْسَانًا ضَمِنَ الرَّاكِبُ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْهَا وَالتَّحَفُّظُ مِنْ الْكَبِيرَةِ بِالتَّنَكُّبِ عَنْهُ وَقُلْتُمْ يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِيَدِهَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَدُّهَا بِلِجَامِهَا، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ بِرِجْلِهَا وَذَنَبِهَا. احْتَجُّوا بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى النَّهَارِ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ الْفَرْقِ بِالْحِرَاسَةِ بِالنَّهَارِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ حَفِظَ مَالَهُ فَأَتْلَفَهُ إنْسَانٌ أَوْ أَهْمَلَهُ فَأَتْلَفَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ. الثَّالِثِ: الْقِيَاسُ عَلَى جِنَايَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَالِهِ وَجِنَايَةُ مَالِهِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ عَلَى مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ جِنَايَةُ صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ. وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجُرْحَ عِنْدَنَا جُبَارٌ إنَّمَا النِّزَاعُ فِي غَيْرِ الْجُرْحِ وَاتَّفَقْنَا عَلَى تَضْمِينِ السَّائِقِ وَالرَّاكِبِ وَالْقَائِدِ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الْفَرْقَ الْمُتَقَدِّمَ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ أَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ بِسَبَبِ الْمَالِكِ هَاهُنَا فَهُوَ كَمَنْ تَرَكَ غُلَامَهُ يَصُولُ فَيَقْتُلُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّهُ قِيَاسٌ مُخَالِفٌ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ بِاللَّيْلِ مُفَرِّطٌ بِالنَّهَارِ لَيْسَ بِمُفَرِّطٍ، وَالْجَوَابُ عَنْ تِلْكَ النُّقُوضِ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ، وَهَاهُنَا أَمْكَنَ التَّضْمِينُ.

(سُؤَالٌ) قَوْله تَعَالَى {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 79] يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَهُ كَانَ أَقْرَبَ لِلصَّوَابِ مَعَ أَنَّ حُكْمَ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْ وَقَعَ فِي شَرْعِنَا أَمْضَيْنَاهُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الزَّرْعِ يَجُوزُ أَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِلَفْظٍ هُوَ كُفْرٌ أَوْ بِمَا هُوَ كُفْرٌ بِالْفِعْلِ كَإِلْقَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَوْ حَرْفًا بِقَدَرٍ، قَالَهُ سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ فِي شَرْحِ رُشْدِ الْغَافِلِ، وَمَتَى وَقَعَتْ الْأَنْوَاعُ الْمَذْكُورَةُ بِشَيْءٍ مُبَاحٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ السِّحْرُ كُفْرًا بَلْ إمَّا مُحَرَّمٌ إنْ كَانَ لَا يَرُوجُ ذَلِكَ الْمُبَاحُ إلَّا بِنَحْوِ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ.

وَإِمَّا مُبَاحٌ إنْ رَاجَ بِدُونِ ذَلِكَ نَعَمْ، وَيَكُونُ كُفْرًا مِنْ جِهَةٍ خَارِجَةٍ كَقَصْدِ إضْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي شَرْحِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَى رُشْدِ الْغَافِلِ نَقْلًا عَنْ ابْن زِكْرِيٍّ فِي شَرْحِ النَّصِيحَةِ وَالْمُبَاحُ إمَّا فِعْلٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَضْعِ الْأَحْجَارِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهَا مُبَاحَةٌ، وَإِمَّا قَوْلٌ مَعَ قُوَّةِ نَفْسٍ كَقَوْلِ مَنْ يَسْحَرُ الْحَيَّاتِ الْعِظَامَ مِنْ السَّحَرَةِ: مُوسَى بِعَصَاهُ مُحَمَّدٌ بِفُرْقَانِهِ يَا مُعَلِّمَ الصِّغَارِ عَلِّمْنِي كَيْفَ آخُذُ الْحَيَّةَ وَالْحَوِيَّةَ، وَكَانَتْ لَهُ قُوَّةُ نَفْسٍ يَحْصُلُ مِنْهَا مَعَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ إقْبَالُ الْحَيَّاتِ إلَيْهِ وَتَمُوتُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ تُفِيقُ ثُمَّ يُعَاوِدُ ذَلِكَ الْكَلَامَ فَيَعُودُ حَالُهَا كَذَلِكَ أَبَدًا فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مُبَاحَةٌ لَيْسَ فِيهَا كُفْرُ وَقُوَّةُ نَفْسِهِ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ فَلَا يَكْفُرُ بِهَا كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْصِي بِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مِنْ الْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ وَتَأْثِيرِهَا فِي قَتْلِ الْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ بِتَصَدِّيهِ وَاكْتِسَابِهِ لِذَلِكَ بِمَا حَرَّمَ الشَّرْعُ أَذِيَّتَهُ أَوْ قَتْلَهُ أَمَّا لَوْ تَصَدَّى صَاحِبُ الْعَيْنِ لِقَتْلِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ السِّبَاعِ الْمُهْلِكَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَائِعًا لِلَّهِ تَعَالَى بِإِصَابَتِهِ بِالْعَيْنِ الَّتِي طُبِعَتْ عَلَيْهَا نَفْسُهُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، قَالَ الْأَصْلُ: وَأَمَّا جَمْعُ مُشْطٍ، وَمُشَاقٍ وَكُوَرِ طَلْعٍ مِنْ النَّخْلِ وَجَعْلُ الْجَمِيعِ فِي بِئْرٍ لِسِحْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْبِئْرِ كَلِمَاتٌ أُخْرَى أَوْ شَيْءٌ آخَرُ فَهِيَ أَمْرٌ مُبَاحٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا فِي صُورَةٍ كَمَا فِي قَصْدِ إضْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ.

وَقَدْ تَقْتَضِي الْقَوَاعِدُ الشَّرْعِيَّةُ وُجُوبَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى أَوْ إنْ كَانَ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْبِئْرِ كَلِمَاتٌ أُخْرَى أَوْ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ نَظَرَ فِيهِ هَلْ يَقْتَضِي كُفْرًا أَوْ هُوَ مُبَاحٌ مِثْلُهَا وَلِلسَّحَرَةِ فُصُولٌ كَثِيرَةٌ فِي كُتُبِهِمْ يُقْطَعُ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعَاصِيَ، وَلَا كُفْرًا كَمَا أَنَّ لَهُمْ مَا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ التَّفْصِيلُ بِمَا حَكَاهُ الطُّرْطُوشِيُّ عَنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِنَا أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنْ السِّحْرِ الَّذِي كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ يَكُونُ سِحْرًا مُشْتَمِلًا عَلَى كُفْرٍ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَّا الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ كُلَّ مَا يُسَمَّى سِحْرًا كُفْرٌ فَصَعْبٌ جِدًّا، وَإِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ السَّاحِرَ كَافِرٌ

وَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ: السَّاحِرُ كَافِرٌ يُقْتَلُ، وَلَا يُسْتَتَابُ سَحَرَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا كَالزِّنْدِيقِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ أَظْهَرَهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ قَالَ أَصْبَغُ إنْ أَظْهَرَهُ، وَلَمْ يَتُبْ فَقُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ اسْتَتَرَ فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا آمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلُوا فَهُمْ أَعْلَمُ قَالَ وَتَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ كُفْرٌ قَالَ وَدَلِيلُ الْمَالِكِيَّةِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة: 102] أَيْ بِتَعَلُّمِهِ {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ الْأَجْسَامِ.

وَالْجَزْمُ بِذَلِكَ كُفْرٌ أَوْ نَقُولُ هُوَ عَلَامَةُ الْكُفْرِ بِإِخْبَارِ الشَّرْعِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِعُ مَنْ دَخَلَ مَوْضِعَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ اعْتَقَدْنَا كُفْرَ الدَّاخِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدُّخُولُ كُفْرًا وَإِنْ أَخْبَرَنَا هُوَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ لَمْ نُصَدِّقْهُ قَالَ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا إنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ أَيْ دَلِيلُ الْكُفْرِ لَا أَنَّهُ كُفْرٌ فِي نَفْسِهِ كَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالتَّرَدُّدِ إلَى الْكَنَائِسِ فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى فَنَحْكُمُ بِكُفْرِ فَاعِلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأُمُورُ كُفْرًا لَا سِيَّمَا وَتَعَلُّمُهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الزَّمْرَ أَوْ ضَرْبَ الْعُودِ، وَالسِّحْرُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْكُفْرِ كَقِيَامِهِ إذَا أَرَادَ سِحْرَ سُلْطَانٍ لِبُرْجِ الْأَسَدِ قَائِلًا خَاضِعًا مُتَقَرِّبًا لَهُ وَيُنَادِيهِ يَا سَيِّدَاهُ يَا عَظِيمَاهُ أَنْتَ الَّذِي إلَيْك تَدِينُ الْمُلُوكُ وَالْجَبَابِرَةُ وَالْأُسُودُ أَسْأَلُك أَنْ تُذَلِّلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015