عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ أَعَادَهُ عَلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ مَعْنَاهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَمْ أَجْزِمْ بِجَعْلِهِ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ بَلْ فُوِّضْت وَجَعَلْت سَبَبِيَّتَهُ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ جَعَلَهُ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ الْفِعْلُ سَبَبًا فَلَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إجْمَاعًا وَلَا يَكُونُ هَذَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُقَدِّمَاتِ أَبَا الْوَلِيدِ بْنَ رُشْدٍ حَكَاهُ خِلَافًا وَقَالَ: الْحَقُّ عَدَمُ اللُّزُومِ قِيَاسًا عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إذَا أَعَادَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْفِعْلِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُوَافِقُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيُخَالِفُ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ هَذَا إشْكَالًا آخَرَ أَمَّا إذَا حُمِلَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فَلَا إشْكَالَ وَيَصِيرُ الْمُدْرَكُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا تُعْقَلُ الْمَسْأَلَةُ أَلْبَتَّةَ وَلَا يَصِيرُ لَهَا حَقِيقَةً.

ـــــــــــــــــــــــــــــSعَبْدِ الْمَلِكِ إنْ أَعَادَهُ عَلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ مَعْنَاهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَمْ أَجْزِمْ بِجَعْلِهِ سَبَبًا إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إجْمَاعًا) .

قُلْتُ: قَوْلُ الْقَائِلِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُرِيدَ إعَادَةَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ إلَى الْفِعْلِ فَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَقَدْ سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ الصَّحِيحَ لُزُومُ الطَّلَاقِ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَنْفَعُهُ وَهَذَا الْمُعَلَّقُ كَذَلِكَ وَإِنْ أَعَادَهُ إلَى الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ الظَّاهِرَ وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَإِذَا فَعَلَهُ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِعْلَهُ فَيَلْزَمُ الطَّلَاقُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ وَإِنْ أَرَادَ مَا قَالَهُ شِهَابُ الدِّينِ وَتَأَوَّلَهُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إجْمَاعًا فَلَيْسَ بِالظَّاهِرِ بَلْ هُوَ مَعْنًى مُتَكَلَّفٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لَا يُفِيدُ عَدَمَ لُزُومِ الطَّلَاقِ بَلْ يُفِيدُ لُزُومَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ ذَلِكَ تَفْوِيضُ سَبَبِيَّةِ هَذَا الْكَلَامِ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَبَبًا بِتَسْوِيغِهِ لِلْمُتَكَلِّمِ أَنْ يَجْعَلَهُ سَبَبًا وَقَدْ جَعَلَهُ كَذَلِكَ بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِ كَمَا سَوَّغَ لَهُ وَمَا أَرَى عَبْدَ الْمَلِكِ رَاعَى هَذَا الْمَعْنَى الْمُتَكَلَّفَ بَلْ رَأَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ رَافِعًا لِحُكْمِ التَّعْلِيقِ كَرَفْعِهِ لِحُكْمِ الْيَمِينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (وَلَا يَكُونُ هَذَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُقَدِّمَاتِ حَكَاهُ خِلَافًا) قُلْتُ: صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَمْسِ بِتَحْقِيقِ هَذَا الْعِلْمِ وَمَعْرِفَةِ الْخِلَافِ فِيهِ مِنْ الْوِفَاقِ.

قَالَ (وَقَالَ: الْحَقُّ عَدَمُ اللُّزُومِ قِيَاسًا عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إذَا أَعَادَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْفِعْلِ) قُلْتُ: بَلْ الْحَقُّ اللُّزُومُ كَمَا سَبَقَ وَالْقِيَاسُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَدَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَى الْفِعْلِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَهُوَ بَارٌّ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشِيئَةِ لِلْفِعْلِ وَلَمْ يَقَعْ الْفِعْلُ فَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ الْمَشِيئَةُ وَالْقَائِلُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَدَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَى الْفِعْلِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَيَلْزَمُ مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُوَافِقُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيُخَالِفُ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ هَذَا إشْكَالًا آخَرَ) قُلْتُ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إشْكَالًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ بِوَجْهٍ.

قَالَ: (أَمَّا إذَا حُمِلَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فَلَا إشْكَالَ وَيَصِيرُ الْمُدْرَكُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا تُعْقَلُ الْمَسْأَلَةُ أَلْبَتَّةَ وَلَا يَصِيرُ لَهَا حَقِيقَة) قُلْتُ:

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِوَرَثَةِ كُلٍّ مِنْ الْمَرِيضَيْنِ ضِعْفُ مَا صَحَّتْ فِيهِ هِبَتُهُ أَفَادَهُ الْبَاجُورِيُّ عَنْ الْأَمِيرِ فِي حَوَاشِي الشِّنْشَوْرِيِّ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ]

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) إذَا قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ عَلَى الدُّخُولِ حَلِفٌ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفِي كَوْنِهِ حَلِفًا فَيَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى حَدِيثِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ مَعَ نَصِّ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَلَمْ يُفَصِّلُوا أَوَّلًا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ مَنْعٌ وَاسْتِحْثَاثٌ قَوْلَا الْأَصْلِ وَالْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا فَالثَّانِي.

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَالَ إنْ بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَهَا]

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) إذَا قَالَ: إنْ بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَتْ هِيَ: إنْ بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَلَّمَهَا وَكَلَّمَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِيَمِينِهَا وَيَمِينُهَا انْحَلَّتْ بِكَلَامِهِ فَلَمْ تَبْدَأْ هِيَ وَلَا هُوَ بِكَلَامٍ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ.

[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ]

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ الْآنَ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَأَنْ شَاءَ الْجِنُّ أَوْ الْمَلَكُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْأَمِيرُ فِي مَجْمُوعِهِ وَعَدَمُ لُزُومِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْعِصْمَةِ هَلْ يُعْتَبَرُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ لَهُ وَهُوَ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يُلْغَى وَتُسْتَصْحَبُ الْعِصْمَةُ وَهُوَ أَصْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمَّا الشَّكُّ فِي إنْ شَاءَ الْجِنُّ أَوْ الْمَلَكُ فَظَاهِرٌ.

وَأَمَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْمَشِيئَةِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ وَحَلُّ الْعِصْمَةِ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ حَتَّى تُعْلَمَ فِيهِ مَشِيئَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّهُ أَرَادَ الطَّلَاقَ عَلَى التَّعْيِينِ أَمْ لَا وَلَيْسَ لَنَا طَرِيقٌ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا التَّوَصُّلُ إلَى عِلْمِ مَشِيئَةِ الْبَشَرِ فَبِوُجُوهٍ مِنْهَا إخْبَارُهُ بِذَلِكَ مَعَ قَرَائِنَ تُوجِبُ حُصُولَ الْعِلْمِ وَكَوْنُ غَايَةِ خَبَرِ الْبَشَرِ أَنْ يُفِيدَ الظَّنَّ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرَائِنِ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ هُنَا بِالظَّنِّ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015