أَوْ نَقِيسُهَا عَلَى الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَنَوَى التَّمْرِ.
وَهَذِهِ الْأَقْيِسَةُ أَقْوَى مِنْ قِيَاسِهِمْ بِكَثِيرٍ لِقُوَّةِ جَامِعِهَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ عَلَى الْمُؤَبَّرِ فَفَارِقُهُ ظَاهِرٌ وَجَامِعُهُ ضَعِيفٌ وَلَفْظُ إطْلَاقِ الثِّمَارِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ يَقْتَضِي عِنْدَنَا التَّبْقِيَةَ بَعْدَ الزَّهْوِ.
وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقْتَضِي الْقَطْعَ كَسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَقْدَ مُعَارَضٌ بِالْعَادَةِ وَمِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ لَا تَقْدَحُ فِي الْعُقُودِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُ زَمَانًا طَوِيلًا لِقَبْضِهِ وَتَحْوِيلِهِ وَيَبِيعُ الدَّارَ فِيهَا الْأَمْتِعَةُ الْكَثِيرَةُ لَا يُمْكِنُ خُلُوُّهَا إلَّا فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ وَلَفْظُ الْمُرَابَحَةِ عِنْدَنَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ قَائِمَةٍ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِمَادِ وَالطَّرْزِ وَالْفَتْلِ وَالْغَسْلِ يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ وَمَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا يُسَمَّى السِّلْعَةُ ذَاتًا وَلَا سُوقًا لَا يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يُقَابَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ اهـ.
مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ نَعَمْ يُؤْخَذُ تَقْيِيدُ أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ بِمَا إذَا كَانَ فِي الطَّعَامِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَرَخَّصَ مَالِكٌ فِيمَا بِيعَ مِنْ الطَّعَامِ جُزَافًا أَنْ يُبَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَجَازَهُ اهـ.
فَتَكُونُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَيْنَ الْقَوْلِ الثَّالِثِ لِابْنِ حَنْبَلٍ وَتَكُونُ الْأَقْوَالُ سِتَّةً لَا سَبْعَةً وَبِالتَّقْيِيدِ وَمُوَافَقَةُ قَوْلِ ابْنِ حَنْبَلٍ صَرَّحَ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ أَيْ فِي مَشْهُورِ مَالِكٍ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّحِيحِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ صَارَ إلَيْهِ هَذَا الطَّعَامُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.
وَأَمَّا مَا بِيعَ جُزَافًا فَيَجُوزُ أَيْ لِمُبْتَاعِهِ بَيْعُهُ قَبْلَ نَقْلِهِ إذَا خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ لِحُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ وَوَافَقَ مَشْهُورَ مَالِكٍ هَذَا ابْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَيْعَهُ قَبْلَ نَقْلِهِ وَاحْتَجَّا بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «كُنَّا نَبْتَاعُ الطَّعَامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِنَقْلِهِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي نَبْتَاعُهُ فِيهِ إلَى مَكَان سِوَاهُ» وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كُنَّا إذَا ابْتَعْنَا الطَّعَامَ جُزَافًا لَمْ نَبِعْهُ حَتَّى نُحَوِّلَهُ مِنْ مَكَانِهِ وَجَوَابُهُ وَأَنَّ مَالِكًا رَوَى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ نَافِعٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْجُزَافِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي حِفْظِ حَدِيثِ نَافِعٍ عَلَى غَيْرِهِ فَرِوَايَةُ جَمَاعَةٍ وُجُودَ الْجُزَافِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ لَا تَرِدُ عَلَى مَذْهَبِهِ عَلَى أَنَّ الْجُزَافَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَهُوَ عِنْدَهُمْ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ نَعَمْ هَذَا مِنْ قَبِيلِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ الْمَظْنُونِ لِلْعِلَّةِ فَافْهَمْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَثْنَى الْعَقَارَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُخْشَى انْفِسَاخُهُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَاحْتَجَّا أَوَّلًا بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ
(أَحَدُهَا) قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلَا رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَا بَيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدَك»
(وَثَانِيهَا) حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي إذَا اشْتَرَيْت بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ» قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. رَوَاهُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ وَيُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ لَا أَعْرِفُ لَهُمَا جُرْحَةً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَإِنْ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ
(وَثَالِثُهَا) مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ «نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ»
(وَرَابِعُهَا) مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ أَمِيرًا عَلَى مَكَّةَ أَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوا أَوْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوا»
(وَثَانِيًا) بِقِيَاسِ غَيْرِ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْمُرَادُ بِهَا نَهْيُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك فَيُنْهَى الْإِنْسَانُ عَنْ بَيْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَيَضْمَنُ تَخْلِيصَهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي» .
فَيَكُونُ الضَّمَانُ مِنْهُ فَمَا بَاعَ إلَّا مَضْمُونًا فَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْحَدِيثُ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَإِنَّ الطَّعَامَ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ سَبَبَ قِيَامِ الْبُنْيَةِ وَعِمَادَ الْحَيَاةِ فَشَدَّدَ فِيهِ النِّزَاعَ عَلَى عَادَتِهِ فِي تَكْثِيرِ الشُّرُوطِ فِيمَا عَظُمَ شَرَفُهُ كَاشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَالصَّدَاقِ وَالشُّهُودِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ دُونَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَشَرْطِهِ فِي مَنْصِبِ الْقَضَاءِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي مَنْصِبِ الشَّهَادَةِ قِيلَ وَيَتَأَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مَعَاشِرَ الْمَالِكِيَّةِ بِمَفْهُومِ «نَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى» فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى تَأْكِيدِهِ بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَدِيثَ خَاصٌّ بِالطَّعَامِ وَالْأَحَادِيثُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْخُصُومُ أَعْنِي الشَّافِعِيَّةَ وَالْأَحْنَافَ عَامَّةٌ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ لَا يُخَصَّصُ بِذِكْرِ بَعْضِهِ إذْ مِنْ شَرْطِ الْمُخَصِّصِ أَنْ يَكُونَ مُنَافِيًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْجُزْءِ وَالْكُلِّ وَلَا يَسْتَقِيمُ الِاعْتِمَادُ فِي