وَعِرَةُ الْمُرْتَقَى وَمُشْتَمِلٌ عَلَى سَبْعِمِائَةِ مَسْأَلَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَالتَّعَالِيقِ اللُّغَوِيَّةِ بِشَرْطِ الْتِزَامِ الْمَجَازِ فِي الْأَلْفَاظِ وَإِطْرَاحِ الْحَقَائِقِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ ضَابِطِ الْوَزْنِ وَقَانُونِ الشِّعْرِ بِأَنْ يَطُولَ الْبَيْتُ نَحْوًا مِنْ ضِعْفِهِ وَيَحْصُلُ هَذَا الْعَدَدُ الْعَظِيمُ مِنْ هَذِهِ اللَّفَظَاتِ الثَّلَاثِ وَتَبْدِيلِهَا بِأَضْدَادِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا فِي مَجَازَاتِهَا وَتَنَقُّلِهَا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مُفْتَرِقَةً وَمُجْتَمِعَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْبَيْتُ لِشَيْخِنَا الْإِمَامِ الصَّدْرِ الْعَالِمِ جَمَالِ الْفُضَلَاءِ رَئِيسِ زَمَانِهِ فِي الْعُلُومِ وَسَيِّدِ وَقْتِهِ فِي التَّحْصِيلِ وَالْمَفْهُومِ جَمَالِ الدِّينِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو بِأَرْضِ الشَّامِ وَأَفْتَى فِيهِ وَتَفَنَّنَ وَأَبْدَعَ فِيهِ وَنَوَّعَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدَّسَ رُوحَهُ الْكَرِيمَةَ وَهَا أَنَا قَائِلٌ لَك لَفْظَهُ الَّذِي وَقَعَ لِي بِفَصِّهِ وَنَصِّهِ ثُمَّ أَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا وَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِي مِنْ فَضْلِهِ قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْبَيْتُ مِنْ الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَانِ أَحَدٌ وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمِصْرَ وَأَجَبْت بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ ثُمَّ سُئِلَتْ عَنْهَا بِدِمَشْقَ فَقُلْت: هَذَا الْبَيْتُ يُنْشَدُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّ مَا بَعْدَ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَدْ يَكُونُ قَبْلَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ بَعْدَيْنِ.
وَقَدْ يَكُونُ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ كُلٌّ مِنْهَا قَدْ يَكُونُ قَبْلُهُ قَبْلَ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلُهُ بَعْدَ صَارَتْ ثَمَانِيَةً فَاذْكُرْ قَاعِدَةً يَنْبَنِي عَلَيْهَا تَفْسِيرُ الْجَمِيعِ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ قَبْلُ وَبَعْدُ فَأَلْغِهِمَا لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ حَاصِلٌ بَعْدَ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَحَاصِلٌ قَبْلُ مَا هُوَ بَعْدَهُ فَلَا يَبْقَى حِينَئِذٍ إلَّا بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَعْبَانَ أَوْ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَوَّالًا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَا جَمِيعُهُ قَبْلُ أَوْ جَمِيعُهُ بَعْدُ فَالْأَوَّلُ هُوَ الشَّهْرُ الرَّابِعُ مِنْ رَمَضَانَ لِأَنَّ مَعْنَى مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَهْرٌ تَقَدَّمَ رَمَضَانَ قَبْلَ شَهْرَيْنِ قَبْلَهُ وَذَلِكَ ذُو الْحِجَّةِ وَالثَّانِي هُوَ الرَّابِعُ أَيْضًا وَلَكِنْ عَلَى الْعَكْسِ لِأَنَّ مَعْنَى بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ شَهْرٌ تَأَخَّرَ رَمَضَانُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ بَعْدَهُ وَذَلِكَ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ ذُو الْحِجَّةِ وَقِيلَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ شَعْبَانُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَعْبَانُ وَبَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَوَّالُ لِأَنَّ الْمَعْنَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَوَّالٌ وَقَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَوَّالٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَيْضًا قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَوَّالٌ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ ثُمَّ اجْرِ الْأَرْبَعَةَ الْأُخَرَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَوَّالٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَوَّالٌ وَبَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ وَذَلِكَ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ شَعْبَانُ وَبَعْدَهُ رَمَضَانُ فَهُوَ جُمَادَى الْأَخِيرَةُ وَبَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ شَعْبَانُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَعْبَانُ وَبَعْدَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ شَعْبَانُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَعْبَانُ قُلْت: هَذَا نَصُّ مَا وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا عَنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقٍ عُلِّقَ عَنْهُ فِي مَسَائِلِهِ النَّادِرَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا.
وَبَقِيَتْ أُمُورٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَنْبَغِي زِيَادَتُهَا وَإِيضَاحُهَا لِيَتَكَمَّلَ بِذَلِكَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدُهَا زِيَادَةُ إيضَاحِ كَوْنِ الْبَيْتِ ثَمَانِيَةً فِي التَّصْوِيرِ فَإِنَّهُ لِلْبَيْتِ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَأَصْلُهُ اجْتِمَاعُ ثَلَاثِ قَبْلَاتٍ وَتَفَرَّعَ سَبْعَةٌ أُخْرَى: أَحَدُهَا أَنْ يُبَدَّلَ الْجَمِيعُ بِالْبَعْدَاتِ نَحْوَ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ. الثَّالِثَةُ أَنْ يُبَدَّلَ مِنْ قَبْلُ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ نَحْوَ قَبْلَ مَا قَبْلَ بَعْدِهِ. الرَّابِعَةُ أَنْ يُبَدَّلَ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَقَوْلِ أَحَدِ حَامِلِي الْخَشَبَةِ خُذْ طَرَفَك فَجَعَلَ طَرَفَ الْخَشَبَةِ طَرَفًا لَهُ لِأَجْلِ الْمُلَابَسَةِ.
وَأُضِيفَ الْكَوْكَبُ لِلْخَرْقَاءِ فِي قَوْلِهِ (:
إذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسِحْرِهِ)
لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ لِعَمَلِهَا عِنْدَ طُلُوعِهِ وَاحْتَمَلَتْ هَذِهِ الْقَبْلَاتُ وَالْبَعْدَاتُ الْمُضَافُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ ظَرْفٍ أُضِيفَ لِمُجَاوِرِهِ أَوْ لِمُجَاوِرِ مُجَاوِرِهِ أَوْ لِمُجَاوِرِ مُجَاوِرِ مُجَاوِرِهِ عَلَى رُتَبٍ ثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ الشَّهْرُ الَّذِي قَبْلَ رَمَضَانَ هُوَ رَبِيعٌ فَإِنْ رَبِيعًا قَبْلَ رَمَضَانَ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ بِالضَّرُورَةِ إلَّا أَنَّ الظُّرُوفَ الَّتِي فِي الْبَيْتِ حُمِلَتْ عَلَى الْمُجَاوِرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ حَقِيقَةً أَيْضًا فَهَذِهِ الْمُلَاحَظَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ الْمُفْتَى بِهَا. الْأَمْرُ الرَّابِعُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّك إذَا قُلْتُ: قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ أَوْ بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ فَالْقَبْلُ الْأَوَّلُ وَالْبَعْدُ الْأَوَّلُ هُوَ رَمَضَانُ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ فِي ذَلِكَ الظَّرْفِ وَمَتَى كَانَ الْقَبْلُ الْأَوَّلُ وَالْبُعْدُ الْأَوَّلُ هُوَ رَمَضَانُ فَالْقَبْلَانِ الْكَائِنَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَبْلُ الَّذِي هُوَ رَمَضَانُ شَهْرَانِ آخَرَانِ يَتَقَدَّمَانِ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَالْبَعْدَانِ الْأَخِيرَانِ شَهْرَانِ آخَرَانِ يَتَأَخَّرَانِ عَنْ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَالرُّتَبُ دَائِمًا فِي الْبَيْتِ أَرْبَعٌ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ وَثَلَاثَةُ ظُرُوفٍ لِغَيْرِهِ هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ. الْأَمْرُ الْخَامِسُ أَنَّهُ وَإِنْ احْتَمَلَ فِيمَا إذَا قُلْنَا قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ أَوْ قُلْنَا بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الظُّرُوفُ الْمَنْطُوقُ بِهَا مُرَتَّبَةً عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ رَمَضَانُ لَا أَنَّهُ فِي الْأُولَى شَوَّالٌ وَفِي الثَّانِيَةِ شَعْبَانُ كَمَا فِي تَفَاسِيرِ صُوَرِ الْبَيْتِ الْآتِيَةِ الْمُفْتَى بِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَرْضٌ لَهُ أَبْعَادٌ كَثِيرَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ فَهُوَ قَبْلَ جَمِيعِهَا وَكُلُّ شَيْءٍ فَرْضٌ لَهُ قَبْلَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ عَنْهُ فَهُوَ بَعْدَ جَمِيعِهَا فَرَمَضَانُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبْلَ بَعْدِهِ وَبَعْدَ بَعْدِهِ وَجَمِيعُ مَا يُفْرَضُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْأَبَدِ فَهُوَ قَبْلَ تِلْكَ الظُّرُوفِ كُلِّهَا وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَعْدَ قَبْلِهِ وَقَبْلَ قَبْلِهِ وَجَمِيعُ مَا يُفْرَضُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْأَبَدِ فَهُوَ بَعْدَ تِلْكَ الظُّرُوفِ كُلِّهَا.