قِبَلِهِ كَحَوْزِ امْرَأَتِهِ فَلِذَلِكَ قُضِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ كَالْمُتَدَاعَيَيْنِ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ وَالْآخَرُ لَا يَدَ لَهُ قَالُوا مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ الظَّاهِرِ إنَّمَا يَشْهَدُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَقَطْ فَإِنَّ السَّيْفَ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُهُ الرِّجَالُ وَالْحُلِيُّ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُهُ النِّسَاءُ وَنِزَاعُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمِلْكِ لَا فِي الِاسْتِعْمَالِ وَقَدْ تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ مَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ بِعَارِضٍ مِنْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَصْدَقَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ وَقَدْ يَمْلِكُ الرِّجَالُ مَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّمْلِيكِ قُلْنَا الظَّاهِرُ فِيمَا فِي يَدِ الْإِنْسَانِ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ وَغَيْرُهُ نَادِرٌ وَإِذَا دَارَ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّادِرِ وَالْغَالِبِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ أَوْلَى أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ هُوَ سَاكِنٌ فِي دَارٍ وَيَدُهُ عَلَيْهَا يُقْضَى لَهُ بِالْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ وَظَاهِرِ الْيَدِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنَّهُ قَالَ مَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ لِلرِّجَالِ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنْ أَصْحَابِهِ هُوَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ كَقَوْلِنَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ تَدَاعَيَاهُ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا مُشَاهَدَةً قُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا إذَا كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ يَسْكُنَانِ مَعًا فَتَدَاعَيَا شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ فَهُوَ لَهُ وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لِلْمَرْأَةِ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ يَصْلُحُ لَهُمَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَطَّارُ وَالدَّبَّاغُ فِي الْمِسْكِ وَالْجِلْدِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَتَنَاقَضَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ مُوَافِقًا لَنَا وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَطَرِيقَتُهُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَدَاعَيَا شَيْئًا فَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فَهُوَ لَهُ كَمَا قُلْنَاهُ وَإِلَّا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّانِ إذَا سَكَنَا دَارًا وَاحِدَةً وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا مَاتَ الرَّجُلُ أَنَّ سُلْطَانَهُ زَالَ عَنْ الْمَرْأَةِ بِالْمَوْتِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أَرْجَحَ فِيمَا تَدَّعِيهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَارِثَ شَأْنُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ لَهُ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ لَهُ بِدَلِيلِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ (تَفْرِيعٌ) قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ الَّذِي تُقَدَّمُ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَيُقْضَى لَهَا بِهِ لِأَجْلِ الصَّلَاحِيَةِ الْحُلِيُّ وَثِيَابُ النِّسَاءِ وَجَمِيعُ الْجِهَازِ مِنْ الطَّسْتِ وَالْمَنَارَةِ وَالثِّيَابِ وَالْقَبْقَابِ وَالْبُسُطِ وَالْوَسَائِدِ وَالْمَرَافِقِ وَالْعُرُشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ الَّذِي يُقْضَى بِهِ لِلرَّجُلِ السِّلَاحُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالْخَاتَمُ الْفِضَّةُ وَثِيَابُ الرَّجُلِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَصْلُحُ لَهُمَا كَالدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا وَالرَّقِيقِ وَأَمَّا أَصْنَافُ الْمَاشِيَةِ فَلِمَنْ حَازَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ مَا فِي الْمَرَابِطِ مِنْ خَيْلٍ أَوْ بِغَالٍ أَوْ حَمِيرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاللَّبَنِ الْمُسْتَهْلَكِ بِنَاءً أَنَّهُ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْحِكْمَةِ (وَمِنْهَا) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ الْقَذْفَ سَبَبًا لِلْجَلْدِ لِحِكْمَةِ حِفْظِ الْأَعْرَاضِ وَصَوْنِ الْقُلُوبِ عَنْ الْإِذَايَاتِ لَكِنْ اشْتَرَطَ فِيهِ الْإِحْصَانَ وَمِنْ جُمْلَتِهِ عَدَمُ مُبَاشَرَةِ الزِّنَى فَمَنْ بَاشَرَ فَقَدْ انْتَفَى فِي حَقِّهِ عَدَمُ مُبَاشَرَةِ الزِّنَى فَإِنَّ النَّقِيضَيْنِ لَا يُصَدَّقَانِ وَالْعَدَالَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُنَافِي كَوْنَهُ مُبَاشِرًا فَإِنْ لَاحَظْنَا الْحِكْمَةَ بِدُونِ السَّبَبِ حَسُنَ إعَادَةُ الْحُكْمِ بِحَدِّ قَاذِفِهِ وَإِنْ اقْتَصَرْنَا عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ وَلَمْ نُرَتِّبْ الْحُكْمَ عَلَى حِكْمَتِهِ بِدُونِهِ لَمْ نَقُلْ بِوُجُوبِ حَدِّ قَاذِفِهِ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُدُودَ يَغْلِبُ عَلَيْهَا التَّعَبُّدُ مِنْ جِهَةِ مَقَادِيرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْقُولَةَ الْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ أُصُولِهَا وَالتَّعَبُّدُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَمِنْ هُنَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِوَاءِ فِي الْآفَةِ الِاسْتِوَاءُ فِي الْحَدِّ بَلْ يُعَزَّرُ إنْ آذَاهُ بِالْقَذْفِ عَلَى قَاعِدَةِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ فَلَا تَضِيعُ الْمَصْلَحَةُ وَلَا تُسْتَبَاحُ الْأَعْرَاضُ بَلْ تَنْعَصِمُ بِالتَّعْزِيرِ وَقَدْ يَزِيدُ التَّعْزِيرُ عَلَى الْحَدِّ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَسْتَنْكِرُ إسْقَاطَ الْحَدِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي الْمُعَلِّمِ دَلِيلُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ جَوَازِ زِيَادَةِ الْعُقُوبَاتِ عَلَى الْحَدِّ فِعْلُ سَيِّدُنَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي ضَرْبِ الَّذِي نَقَشَ خَاتَمَهُ مِائَةً وَنَقَلَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ أَنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الْقَضِيَّةِ مَعْنُ بْنُ زِيَادٍ زَوَّرَ كِتَابًا عَلَى عُمَرَ وَنَقَشَ خَاتَمَهُ فَجَلَدَهُ مِائَةً فَشَفَعَ فِيهِ قَوْمٌ فَقَالَ أَذَكَّرْتُمُونِي الطَّعْنَ وَكُنْت نَاسِيًا فَجَلَدَهُ مِائَةً أُخْرَى ثُمَّ جَلَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَةً أُخْرَى وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ فَكَانَ إجْمَاعًا وَضَرَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ضُبَيْعًا أَكْثَرَ مِنْ الْحَدِّ اهـ
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّ مَا وَرَدَ مُطْلَقًا يُحْمَلُ عَلَى مَا وَرَدَ مُقَيَّدًا حَيْثُ كَانَ الْقَيْدُ وَاحِدًا وَإِلَّا حُمِلَ مَا وَرَدَ مُقَيَّدًا عَلَى الْمُطْلَقِ لِئَلَّا يَحْصُلَ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ فَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] الْآيَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَرَدَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَصْفِ الْغَفْلَةِ بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور: 23] فَإِنَّهُ قَيَّدَ بِوَصْفِ الْغَفْلَةِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَالْمُبَاشِرُ لِلزِّنَا لَيْسَ بِغَافِلٍ عَنْهُ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ حُدَّ لَحَصَلَ مَعْنَى اللَّعْنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ مَنْفِيٌّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ جِهَةِ مَفْهُومِهَا الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الصِّفَةِ لِأَنَّ مَفْهُومَهَا أَنَّ مَنْ لَيْسَ بِغَافِلٍ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَا يُلْعَنُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ يُلْعَنُ بِالتَّعْزِيرِ وَالْعُقُوبَةِ الْمُؤْلِمَةِ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْمَقْذُوفِ