لَا يُمْكِنُ أَنْ تَفْعَلَ فِي أَوَّلِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَلَا يَكُونُ زَمَنُ الْحَيْضِ مِنْ أَزْمِنَةِ التَّوْسِعَةِ لَهَا فَإِنْ أَرَادُوا بِأَنَّهُ وَاجِبٌ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ فَقَطْ فَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَلَا يُصَرِّحُونَ بِالْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَيَقُولُونَ إنَّ هَذَا مَذْهَبٌ يَخْتَصُّونَ بِهِ فَظَهَرَ الْحَقُّ وَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى.

(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ الْكُلِّيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْكُلِّيِّ الْوَاجِبِ فِيهِ وَبِهِ وَعَلَيْهِ وَعِنْدَهُ وَمِنْهُ وَمِثْلُهُ وَإِلَيْهِ) فَهَذِهِ عَشْرُ قَوَاعِدَ فِي الْكُلِّيِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ خَاصَّةً وَهِيَ عَشْرُ قَوَاعِدَ كُلُّهَا يَتَعَلَّقُ فِيهَا الْوُجُوبُ بِالْكُلِّيِّ دُونَ الْجُزْئِيِّ وَهِيَ مُتَبَايِنَةُ الْحَقَائِقِ مُخْتَلِفَةُ الْمُثُلِ وَالْأَحْكَامِ فَأَذْكُرُ كُلَّ قَاعِدَةٍ عَلَى حِيَالِهَا لِيَظْهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا.

اعْلَمْ أَنَّ خِطَابَ الشَّرْعِ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِجُزْئِيٍّ كَوُجُوبِ التَّوَجُّهِ إلَى خُصُوصِ الْكَعْبَةِ الْحَرَامِ وَالْإِيمَانِ بِالنَّبِيِّ الْمُعَيَّنِ وَالتَّصْدِيقِ بِالرِّسَالَةِ الْمَخْصُوصَةِ كَالْقُرْآنِ وَقَدْ لَا يُعَيَّنُ مُتَعَلِّقُ التَّكْلِيفِ بَلْ يَجْعَلُهُ دَائِرًا بَيْنَ أَفْرَادِ جِنْسٍ وَيَكُونُ مُتَعَلِّقُ الْخِطَابِ هُوَ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْجِنْسِ دُونَ خُصُوصِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَفْرَادِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْفَرْقِ وَهُوَ الْمُنْقَسِمُ إلَى عَشْرَةِ أَجْنَاسٍ كَمَا يَأْتِي إنْ بَيَانَهُ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: الْوَاجِبُ الْكُلِّيُّ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ وَحَيْثُ قِيلَ بِهِ فَالْوَاجِبُ هُوَ أَحَدُ الْخِصَالِ وَهُوَ مَفْهُومٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا لِصِدْقِهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالصَّادِقُ عَلَى أَشْيَاءَ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ (الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ الْكُلِّيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْكُلِّيِّ الْوَاجِبِ فِيهِ وَبِهِ وَعَلَيْهِ وَعِنْدَهُ وَمِنْهُ وَعَنْهُ وَمِثْلُهُ وَإِلَيْهِ إلَى آخَرِ قَوْلِهِ فَاذْكُرْ كُلَّ قَاعِدَةٍ عَلَى حِيَالِهَا) قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ فِي هَذِهِ الْقَوَاعِدِ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّيِّ لَا بِالْجُزْئِيِّ إنْ أَرَادَ ظَاهِرَ لَفْظِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ وَكَيْفَ يَتَعَلَّقُ التَّكْلِيفُ بِالْكُلِّيِّ وَهُوَ مِمَّا لَا يَدْخُلُ فِي الْوُجُودِ الْعَيْنِيِّ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ وَالتَّكْلِيفُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوُجُودِ الْعَيْنِيِّ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّيِّ أَيْ بِإِيقَاعِ مَا فِيهِ الْكُلِّيُّ بِمَعْنَى مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكُلِّيِّ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَعْيِينِ مَا وَقَعَ بِهِ التَّكْلِيفُ فَذَلِكَ صَحِيحٌ.

قَالَ (اعْلَمْ أَنَّ خِطَابَ الشَّرْعِ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِجُزْئِيٍّ كَوُجُوبِ التَّوَجُّهِ إلَى خُصُوصِ الْكَعْبَةِ إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْمُنْقَسِمُ إلَى عَشَرَةِ أَجْنَاسٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) قُلْتُ قَوْلُهُ فِي أَثْنَاءِ هَذَا الْفَصْلِ قَدْ لَا يُعَيَّنُ مُتَعَلَّقُ التَّكْلِيفِ بَلْ يَجْعَلُهُ دَائِرًا بَيْنَ أَفْرَادِ جِنْسٍ يُشْعِرُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْكُلِّيِّ أَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهِ لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ كُلِّيٌّ بَلْ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الْفِعْلُ الْمُوقَعُ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْكُلِّيِّ.

قَالَ (الْقَاعِدَةُ الْأُولَى الْوَاجِبُ الْكُلِّيُّ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ إلَى قَوْلِهِ وَالصَّادِقُ عَلَى أَشْيَاءَ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا) قُلْتُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ تَعَلُّقَ التَّكْلِيفِ بِالْمُشْتَرَكِ الْكُلِّيِّ إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ التَّكْلِيفَ تَعَلَّقَ بِإِيقَاعِ شَيْءٍ مِمَّا فِيهِ الْمُشْتَرَكُ الْكُلِّيُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ اهـ هَذَا حَاصِلُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ هُنَا.

وَأَمَّا قَوْلُ الْأَصْلِ إنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَقَدْ رُوِيَ بِرَفْعِ الذَّكَاةِ الثَّانِيَةِ وَبِهَا تَمَسَّكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلِهِمْ بِاسْتِغْنَاءِ الْجَنِينِ عَنْ الذَّكَاةِ وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَقْتَضِي حَصْرَ ذَكَاتِهِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ تُبِيحُهُ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الذَّكَاةِ الَّتِي هِيَ فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّبْحِ الْخَاصِّ فِي حَلْقِهِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ مُلَابَسَةٌ تُصَحِّحُ أَنْ تَكُونَ ذَكَاةُ أُمِّهِ هِيَ عَيْنَ ذَكَاتِهِ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ إضَافَةَ الْمَصَادِرِ مُخَالِفَةٌ لِإِسْنَادِ الْأَفْعَالِ فِي أَنَّهُ يَكْفِي فِي كَوْنِهَا حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَقَوْلِنَا: صَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ بِخِلَافِ إسْنَادِ الْأَفْعَالِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ لِكَوْنِهِ حَقِيقَةً مُرَاعَاةُ الْفَاعِلِ الْحَقِيقِيِّ لَا مُطْلَقُ مُلَابِسٍ.

وَرُوِيَ بِنَصْبِ الذَّكَاةِ الثَّانِيَةِ وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ تَمَسَّكَ الْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلِهِمْ بِاحْتِيَاجِ الْجَنِينِ لِلذَّكَاةِ وَأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَأُعْرِبَ كَإِعْرَابِهِ عَلَى قَاعِدَةِ حَذْفِ الْمُضَافِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ ذَكَاةَ الْجَنِينِ دَاخِلَةً فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَانْتَصَبَتْ الذَّكَاةُ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ عَلَى حَدِّ دَخَلْت الدَّارَ بَلْ هَذَا التَّقْدِيرُ أَرْجَحُ مِمَّا قَدَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قِلَّةُ الْحَذْفِ.

وَثَانِيهِمَا: الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَدَفْعُ التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا اهـ.

فَقَالَ ابْنُ الشَّاطِّ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي الْحَصْرَ وَاسْتَغْنَى الْجَنِينُ عَنْ الذَّكَاةِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَمَا قَالَهُ مِنْ تَرْجِيحِ التَّقْدِيرِ عَلَى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِقِلَّةِ الْحَذْفِ وَإِنْ سَلِمَ إلَّا أَنَّهُ يَضْعُفُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَسَاقِ الْكَلَامِ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ ذَكَاةِ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ كَمَا أَنَّ التَّقْدِيرَ عَلَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ ضَعُفَ بِكَثْرَةِ الْحَذْفِ إلَّا أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِأَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَى مَسَاقِ الْكَلَامِ، وَمَا قَالَهُ مِنْ تَرْجِيحِ التَّقْدِيرِ عَلَى مَا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِالْجَمْعِ لَا يَتِمُّ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ عَلَى مَا لِلْحَنَفِيَّةِ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ مُتَّجَهٌ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ مَعًا وَالشَّأْنُ إنَّمَا هُوَ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَبَسْطُهُ يَطُولُ اهـ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْأَصْلِ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ يَقْتَضِي حَصْرَ الشُّفْعَةِ فِي الَّذِي هُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَلَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ وَالتَّقْدِيرُ الشُّفْعَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015