رَمَضَانَ فَرُؤْيَةُ الْهِلَالِ سَبَبٌ لِسَبَبِيَّةِ تَرْكِ الصَّوْمِ وَنَصْبُ التَّرْكِ سَبَبًا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِيقَاعِ فِيهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ الشَّارِعُ هَكَذَا.
وَقَالَ جَعَلْتُ تَرْكَ رَمَضَانَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ سَبَبًا لِوُجُوبِ مِثْلِهِ خَارِجَ رَمَضَانِ وَلَا يَجِبُ الْفِعْلُ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُتَنَاقِضًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ إذَا تُرِكَ إخْرَاجُ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي زَمَنِ الصِّبَا وَالْجُنُونِ يَكُونُ ذَلِكَ التَّرْكُ سَبَبًا لِوُجُوبِ دَفْعِ الْقِيَمِ بَعْدَ زَوَالِ الصِّبَا وَالْجُنُونِ وَيُكَلَّفُونَ ح بِالْغَرَامَاتِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي ذِمَمِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِمْ وُجُوبٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَصَارَ التَّرْكُ سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ كَذَلِكَ هَاهُنَا جُعِلَ التَّرْكُ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ مَعَ عَدَمِ التَّكْلِيفِ فِي زَمَانِ التَّرْكِ وَيُضَافُ هَذَا الصَّوْمُ لِذَلِكَ التَّرْكِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا تُضَافُ الْقِيمَةُ لِلْإِتْلَافِ فِي زَمَانِ الصِّبَا أَوْ الْجُنُونِ لِيَتَمَيَّزَ هَذَا الْمَالُ الْمَدْفُوعُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ وَالْوَاجِبَاتِ وَمِنْ النَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSرَمَضَانَ فَرُؤْيَةُ الْهِلَالِ سَبَبٌ لِسَبَبِيَّةِ تَرْكِ الْيَوْمِ وَنَصْبُ التَّرْكِ سَبَبًا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِيقَاعِ فِيهِ) قُلْتُ إيقَاعُ صَوْمِهَا فِي أَيَّامِ رَمَضَانَ مُسَلَّمٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ وَجَعْلُ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ سَبَبًا لِسَبَبِيَّةِ التَّرْكِ دَعْوَى، وَقَوْلُهُ إنَّ نَصْبَ التَّرْكِ سَبَبًا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِيقَاعِ فِي الْيَوْمِ الْمَتْرُوكِ دَعْوَى أَيْضًا وَبِالْجُمْلَةِ لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الدَّعَاوَى الَّتِي لَا حُجَّةَ عَلَيْهَا.
قَالَ (بَلْ لَوْ صَرَّحَ الشَّارِعُ هَكَذَا وَقَالَ جَعَلْتُ تَرْكَ رَمَضَانَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ سَبَبًا لِوُجُوبِ مِثْلِهِ خَارِجَ رَمَضَانَ وَلَا يَجِبُ الْفِعْلُ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُتَنَاقِضًا أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ إذَا تُرِكَ إخْرَاجُ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي زَمَنِ الصِّبَا وَالْجُنُونِ يَكُونُ ذَلِكَ التَّرْكُ سَبَبًا لِوُجُوبِ دَفْعِ الْقِيَمِ بِعُذْرِ زَوَالِ الصِّبَا وَالْجُنُونِ وَيُكَلَّفُونَ ح بِالْغَرَامَاتِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي ذِمَمِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِمْ وُجُوبٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَصَارَ التَّرْكُ سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ كَذَلِكَ هَاهُنَا جُعِلَ التَّرْكُ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ مَعَ عَدَمِ التَّكْلِيفِ فِي زَمَنِ التَّرْكِ وَيُضَافُ هَذَا الصَّوْمُ لِذَلِكَ التَّرْكِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا تُضَافُ الْقِيَمُ لِلْإِتْلَافِ فِي زَمَنِ الصِّبَا أَوْ الْجُنُونِ لِيَتَمَيَّزَ هَذَا الْمَالُ الْمَدْفُوعُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ وَالْوَاجِبَاتِ مِنْ النَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُتَنَوِّعَةِ فِي الدَّفْعِ) قُلْتُ إضَافَةُ وُجُوبِ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ إلَى تَرْكِهِ فِي رَمَضَانَ مُشْعِرٌ بِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْمُكَلَّفَةِ بِذَلِكَ فِي رَمَضَانَ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتِلْكَ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ إنَّمَا تَرَكَتْ غَيْرَ وَاجِبٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَهَلْ عُهِدَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ تَرْكَ غَيْرِ الْوَاجِبِ يَكُونُ سَبَبًا فِي الْوُجُوبِ وَمَا سَبَبُ هَذَا الِارْتِبَاكِ الْمُوجِبِ لِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الْوَاضِحِ الضَّعْفِ إلَّا الْغَفْلَةُ عَنْ تَقَرُّرِ الْعِبَادَاتِ فِي الذِّمَمِ عِنْدَ وُجُودِ أَسْبَابِهَا كَالدُّيُونِ وَالْغَرَامَاتِ أَوْ التَّغَافُلِ عَنْ ذَلِكَ وَالصَّبِيُّ وَالْحَائِضُ وَإِنْ كَانَ حَالُهُمَا مُسْتَوِيًا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تُكَلَّفُ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ رَمَضَانُ بِإِيقَاعِ الصَّوْمِ فِيهِ وَالصَّبِيُّ أَيْضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQآخَرَ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهُ مِنْ الْأَضْدَادِ وَحَيًّا وَفَقِيهًا وَعَابِدًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهُ مِنْ خِلَافِهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ.
وَأَمَّا زَيْدٌ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي فَكَمَا أَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي مَفْهُومِ الْقَائِمِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَى نَقِيضِهِ كَذَلِكَ وَهُوَ مُنْحَصِرٌ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَى ضِدِّهِ أَوْ خِلَافِهِ أَيْضًا وَيُوَضِّحُ لَك هَذَا مَسْأَلَةً وَهِيَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّلَاةِ «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» عَلَى انْحِصَارِ سَبَبِ تَحْرِيمِهَا أَيْ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِهَا بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْرُمُ فِيهَا فِي التَّكْبِيرِ وَانْحِصَارِ سَبَبِ تَحْلِيلِهَا أَيْ حِلِّهَا بِإِبَاحَةِ جَمِيعِ مَا حُرِّمَ بِهَا فِي التَّسْلِيمِ فَلَا يَدْخُلُ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ حُرُمَاتِهَا إلَى حِلِّهَا إلَّا بِالتَّسْلِيمِ فَالتَّكْبِيرُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ خَبَرٌ مُعَرَّفٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ اقْتَضَى حَصْرَ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ تَحْرِيمُهَا فِيهِ فَيَكُونُ مَفْهُومُهُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا لَا يَثْبُتُ مَعَ نَقِيضِهِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ التَّكْبِيرِ وَلَا مَعَ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ وَالنَّوْمُ وَالْجُنُونُ وَلَا مَعَ خِلَافِهِ الَّذِي هُوَ الْخُشُوعُ وَالتَّعْظِيمُ بِحَيْثُ إذَا فَعَلَ أَيَّ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَضْدَادِ وَالْخِلَافَاتِ وَلَمْ يَفْعَلْ التَّكْبِيرَ لَمْ يَدْخُلْ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ.
وَكَذَا التَّسْلِيمُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» خَبَرٌ مُعَرَّفٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ اقْتَضَى حَصْرَ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ تَحْلِيلُهَا فِيهِ فَيَكُونُ مَفْهُومُهُ أَنَّ تَحْلِيلَهَا لَا يَثْبُتُ مَعَ نَقِيضِهِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ وَلَا مَعَ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ النَّوْمُ وَالْإِغْمَاءُ وَلَا مَعَ خِلَافِهِ الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ بِحَيْثُ إذَا فَعَلَ أَيَّ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَضْدَادِ وَالْخِلَافَاتِ وَلَمْ يَفْعَلْ التَّسْلِيمَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ إلَى حِلِّهَا أَيْ إبَاحَةِ جَمِيعِ مَا حَرُمَ بِهَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا عَلَى وَجْهِ بُطْلَانِهَا كَيْفَ كَانَ فَلَا سَبَبَ لَهُ إلَّا السَّلَامُ الْمَشْرُوعُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ أَمَّا سَهْوُ السَّلَامِ وَعَمْدُهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرِدْ وَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» لَا سِيَّمَا وَلَفْظُ السَّلَامِ خَبَرٌ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ بِالسَّلَامَةِ وَالدُّعَاءُ لَا يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ لَا سَهْوًا وَلَا عَمْدًا أَمَّا نَقُولُ بِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مُخْرِجٌ مِنْهَا مُطْلَقًا وَمُحْوِجٌ لِتَكْبِيرَةِ