عَدَمِهِ بَلْ الْحَالُ تَضْطَرُّهُ لِلنُّطْقِ بِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا يَلْزَمُهَا فِي الذِّهْنِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِحْضَارِ الْحَقِيقَةِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهَا حُضُورُهُ فَيَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ حِينَئِذٍ لَهُ غَرَضٌ فِي النُّطْقِ بِهِ وَإِحْضَارُهُ مَعَ الْحَقِيقَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ بِسَبَبِ الْحُضُورِ فِي الذِّهْنِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِيهِ وَسَلْبُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ غَرَضَهُ فَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُصَرِّحَ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ لِلذِّهْنِ مِنْ التَّقْيِيدِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَسِرُّ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَكَانَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُورِدُ عَلَى هَذَا سُؤَالًا فَيَقُولُ الْوَصْفُ الْغَالِبُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّةً مِمَّا لَيْسَ بِغَالِبٍ.
وَمَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ يَقْتَضِي الْحَالُ فِيهِ الْعَكْسَ بِسَبَبِ أَنَّ الْوَصْفَ إذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَكَانَتْ الْعَادَةُ شَاهِدَةً بِثُبُوتِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِتِلْكَ الْحَقِيقَةِ يَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ ذِكْرِهِ لِلسَّامِعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَادَةَ كَافِيَةٌ فِي إفْهَامِ السَّامِعِ ذَلِكَ فَلَوْ أَخْبَرَهُ بِثُبُوتِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لَكَانَ ذَلِكَ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى ثُبُوتِهِ لِتِلْكَ الْحَقِيقَةِ مِنْ جِهَةِ الْعَادَةِ فَيَتَّجِهُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِخَبَرِهِ بِهِ لِعَدَمِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ لِتِلْكَ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ حِينَئِذٍ يُفِيدُهُ فَائِدَةً جَدِيدَةً وَغَيْرُ مُفِيدٍ لَهُ فِي الْوَصْفِ الْغَالِبِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ، وَإِذَا كَانَ فِي الْغَالِبِ غَيْرُ مُفِيدٍ بِإِخْبَارِهِ عَنْ ثُبُوتِهِ لِلْحَقِيقَةِ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّهُ إنَّمَا نَطَقَ بِهِ لِقَصْدٍ آخَرَ غَيْرِ الْإِخْبَارِ عَنْ ثُبُوتِهِ لِلْحَقِيقَةِ وَهُوَ سَلْبُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَهَذَا الْغَرَضُ لَا يَتَعَيَّنُ إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ غَرَضُهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْإِخْبَارَ عَنْ ثُبُوتِهِ لِلْحَقِيقَةِ لَا سَلْبَ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْوَصْفَ الْغَالِبَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ حُجَّةً
ـــــــــــــــــــــــــــــSعَدَمِهِ بَلْ الْحَالُ تَضْطَرُّهُ لِلنُّطْقِ بِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا يَلْزَمُهَا فِي الذِّهْنِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِحْضَارِ حَقِيقَةِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهَا حُضُورُهُ فَيَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ حِينَئِذٍ لَهُ غَرَضٌ فِي النُّطْقِ بِهِ وَإِحْضَارُهُ مَعَ الْحَقِيقَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ بِسَبَبِ الْحُضُورِ فِي الذِّهْنِ وَإِذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِيهِ وَسُلِبَ الْحُكْمُ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ غَرَضَهُ فَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ حَتَّى يُصَرِّحَ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ لِلذِّهْنِ مِنْ التَّقْيِيدِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَسِرُّ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ قُلْت: مَا أَبْعَدَ مَا قَالَهُ أَنْ يَكُونَ سِرًّا وَسَبَبًا لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فَكَيْفَ يَكُونُ الشَّارِعُ مُضْطَرًّا إلَى النُّطْقِ بِمَا لَا يَقْصِدُهُ؟ ، هَذَا مُحَالٌ فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالشَّارِعِ اللَّهَ تَعَالَى فَاضْطِرَارُهُ إلَى أَمْرٍ مَا مُحَالٍ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالشَّارِعِ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْصُومٌ وَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا الْحَالِ إنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ بِالْمَفْهُومِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بَاطِلٌ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ الْمُفْهِمَةِ لِمُقْتَضَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ (وَكَانَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُورِدُ عَلَى هَذَا سُؤَالًا إلَى آخِرِ السُّؤَالِ) قُلْت: السُّؤَالُ وَارِدٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQدُخُولُ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُتَأَخِّرِ كَحَدَثِ الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ الْجَنَابَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ. وَرَابِعُهَا: دُخُولُ الْمُتَأَخِّرِ فِي الْمُتَقَدِّمِ كَالْوَطَآتِ الْمُتَأَخِّرَةِ مَعَ الْوَطْأَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْأُولَى، وَأَسْبَابِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ الْمُتَأَخِّرَةِ فِي الْمُوجِبِ الْأَوَّلِ مِنْهَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَزِيدُ صُورَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ دُخُولُ الطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ فِيمَا إذَا وُطِئَتْ الْمَرْأَةُ بِالشُّبْهَةِ الْوَاحِدَةِ أَوَّلًا وَهِيَ مَرِيضَةُ الْجِسْمِ عَدِيمَةُ الْمَالِ، وَثَانِيًا: بَعْدَ أَنْ صَحَّتْ وَوَرِثَتْ مَالًا عَظِيمًا وَثَالِثًا بَعْدَ سَقَمِ جِسْمِهَا وَذَهَابِ مَالِهَا فَإِنَّهَا عِنْدَهُمْ يَجِبُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي أَعْظَمِ أَحْوَالِهَا وَأَعْظَمُ أَحْوَالِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْحَالَةُ الْوُسْطَى فَيَجِبُ الصَّدَاقُ بِاعْتِبَارِهَا وَتَدْخُلُ فِيهَا الْحَالَةُ الْأُولَى وَالْحَالَةُ الْأَخِيرَةُ فَيَنْدَرِجُ الطَّرَفَانِ فِي الْوَسَطِ وَلَا يُعْتَبَرُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمِثَالِ إلَّا الْوَطْأَةُ الْأُولَى كَيْفَ كَانَتْ وَكَيْفَ صَادَفَتْ؟ وَيَنْدَرِجُ مَا بَعْدَهَا فِيهَا فَهَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ انْدِرَاجِ الْمُتَأَخِّرِ فِي الْمُتَقَدِّمِ لَا مِنْ بَابِ انْدِرَاجِ الطَّرَفَيْنِ فِي الْوَسَطِ.
وَأَمَّا التَّسَاقُطُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ التَّنَافِي فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَجَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَلَهُ مُثُلٌ مِنْهَا الرِّدَّةُ مَعَ الْإِسْلَامِ وَمِنْهَا الْقَتْلُ وَالْكُفْرُ يَقْتَضِيَانِ عَدَمَ الْإِرْثِ وَالْقَرَابَةُ تَقْتَضِي الْإِرْثَ وَمِنْهَا الدَّيْنُ مُسْقِطٌ لِلزَّكَاةِ وَأَسْبَابِهَا تُوجِبُهَا، وَمِنْهَا تَعَارُضُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَمِنْهَا تَعَارُضُ الْأَصْلَيْنِ فِيمَا إذَا قُطِعَ رَجُلٌ مَلْفُوفٌ فِي الثِّيَابِ فَتَنَازَعَ الْقَاطِعُ وَالْوَلِيُّ فِي كَوْنِهِ كَانَ حَيًّا حَالَةَ الْجِنَايَةِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَالْأَصْلُ أَيْضًا عَدَمُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمِنْهَا تَعَارُضُ الْغَالِبَيْنِ الظَّاهِرَيْنِ فِي بَحْثِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَإِنَّ الْيَدَ لِلرَّجُلِ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي فِيهِ مِنْ قُمَاشِ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَكَانَ ظَاهِرًا فِي كَوْنِهِ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ قَدَّمْنَا نَحْنُ هَذَا الظَّاهِرَ وَسَوَّى الشَّافِعِيُّ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَهُمَا مَعًا يَدًا وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَالْيَدُ عِنْدَ مَالِكٍ خَاصَّةً بِالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ وَإِذَا كَانَ يَصْلُحُ لَهُمَا قَدَّمَ مِلْكَ الرَّجُلِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْيَدِ وَنَحْوَ الْمُنْفَرِدِينَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَالْمِصْرُ كَبِيرٌ فَمَالِكٌ قَدَّمَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ وَسَحْنُونٌ قَدَّمَ ظَاهِرَ الْحَالِ وَلَمْ يُوجِبْ الصَّوْمَ بِشَهَادَتِهِمَا وَقَالَ: الظَّاهِرُ كَذِبُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْعَظِيمَ مَعَ ارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ يَقْتَضِي أَنْ يَرَاهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ فَانْفِرَادُ هَذَيْنِ دَلِيلُ كَذِبِهِمَا.
وَمِنْهَا تَعَارُضُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ فِي نَحْوِ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّجَاسَةِ وَالظَّاهِرُ وُجُودُهَا بِسَبَبِ النَّبْشِ قُلْت وَمِنْهَا مَا قَدَّمْته عَنْ كِتَابِ