اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مُقْتَضٍ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَعُلِمَ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ يَلْزَمُ مِنْهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَأَجَبْتُهُ بِأَنْ قُلْت: إيجَابُ إحْدَى الْخِصَالِ إيجَابٌ لِلْمُشْتَرَكِ وَوُجُوبُ الْمُشْتَرَكِ يُخْرِجُ الْمُكَلَّفَ عَنْ عُهْدَتِهِ بِفَرْدٍ إجْمَاعًا وَأَمَّا الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهُوَ تَحْرِيمٌ لِمُشْتَرَكٍ فَيَعُمُّ أَفْرَادَهُ وَأَفْرَادُهُ هُمْ النِّسْوَةُ فَيَعُمُّهُنَّ الطَّلَاقُ وَقَرَّرْت لَهُ جَمِيعَ الْقَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَانْدَفَعَ السُّؤَالُ وَهُوَ مِنْ الْأَسْئِلَةِ الْجَلِيلَةِ الْحَسَنَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَلَقَدْ أَوْرَدَهُ عَلَى أَكَابِرَ فَلَمْ يُجِيبُوا عَنْهُ إلَّا بِقَوْلِهِمْ إنَّمَا عَمَّ الطَّلَاقُ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الِاحْتِيَاطِ فِي الشَّرْعِ لَمْ يَجِدُوهُ وَأَمَّا مَعَ ذِكْرِ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ فَتَصِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ضَرُورِيَّةً بِحَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْحَقُّ فِيهَا تَعَيُّنًا ضَرُورِيًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبِيدِهِ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَيُعَيِّنَهُ لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَضَافَ الْحُكْمَ لِلْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَكَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ فَالْعِتْقُ أَيْضًا مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ وَأَخْذِ الْمَنَافِعِ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ عَسِيرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ تَحْرِيمٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَهُوَ قُرْبَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَالْأُمَمِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّفْظَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَالْكَلَامَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مُقْتَضٍ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَعُلِمَ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ يَلْزَمُ مِنْهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَأَجَبْتُهُ بِأَنْ قُلْتُ: إيجَابُ إحْدَى الْخِصَالِ إيجَابٌ لِلْمُشْتَرَكِ وَوُجُوبُ الْمُشْتَرَكِ يُخْرِجُ الْمُكَلَّفَ عَنْ عُهْدَتِهِ بِفَرْدٍ إجْمَاعًا. وَأَمَّا الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهُوَ تَحْرِيمٌ لِمُشْتَرَكٍ فَيَعُمُّ أَفْرَادَهُ وَأَفْرَادُهُ هُمْ النِّسْوَةُ فَيَعُمُّهُنَّ الطَّلَاقُ وَقَرَّرْت لَهُ جَمِيعَ الْقَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَانْدَفَعَ السُّؤَالُ وَهُوَ مِنْ الْأَسْئِلَةِ الْجَلِيلَةِ الْحَسَنَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَلَقَدْ أَوْرَدَهُ عَلَى أَكَابِرَ فَلَمْ يُجِيبُوا عَنْهُ إلَّا بِقَوْلِهِمْ إنَّمَا عَمَّ الطَّلَاقُ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَا الدَّلِيلُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الِاحْتِيَاطِ فِي الشَّرْعِ لَمْ يَجِدُوهُ وَأَمَّا مَعَ ذِكْرِ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ فَتَصِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِحَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْحَقُّ فِيهَا تَعَيُّنًا ضَرُورِيًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ)
قُلْتُ: صَارَ الصَّدْرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ صَدْرٍ لِتَسْلِيمِهِ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى وَهِيَ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ وَلَا صَحِيحَةٍ فَكَذَلِكَ مَا بَنِي عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ مَا أَجَابَ بِهِ الْأَكَابِرُ وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا عَمَّ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الِاحْتِيَاطُ كُلُّ دَلِيلٍ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ تَوَقِّي الشُّبُهَاتِ.
قَالَ: (شِهَابُ الدِّينِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ: مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبِيدِهِ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَيُعَيِّنُهُ لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَضَافَ الْحُكْمَ لِلْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ) قُلْتُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا أَضَافَ الْحُكْمَ لِلْمُشْتَرَكِ بَلْ أَضَافَهُ لِفَرْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.
قَالَ: (وَكَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ فَالْعِتْقُ أَيْضًا مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ وَأَخْذِ الْمَنَافِعِ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ عَسِيرٌ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ.
قَالَ: (وَالْجَوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ تَحْرِيمُ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَهُوَ قُرْبَةٌ) قُلْتُ: عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الطَّلَاقَ تَحْرِيمٌ وَالْعِتْقُ قُرْبَةٌ فَكَوْنُ الْعِتْقِ قُرْبَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُحَصِّلُ دَنِيًّا وَنَزْرًا حَقِيرًا فَيَضِيعُ الْمَالُ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ إلْقَاءَ مَالِهِ فِي الْبَحْرِ وَتَضْيِيعَهُ فِي غَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَحَرَّمَ السَّرِقَةَ صَوْنًا لِمَالِهِ أَيْضًا وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ فِي تَضْيِيعِ عَقْلِهِ الَّذِي هُوَ عَوْنُهُ عَلَى أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ فَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْمُسْكِرَاتِ صَوْنًا لِمَصْلَحَةِ عَقْلِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ تَضْيِيعَ نَسَبِهِ الَّذِي بِهِ عَوْنُهُ عَلَى أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ فَحَرَّمَ عَلَيْهِ الزِّنَا صَوْنًا لِنَسَبِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ رِضَا الْعَبْدِ بِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ رِضَاهُ بِوِلَايَةِ الْفَسَقَةِ وَشَهَادَةِ الْأَرَاذِلِ وَنَحْوِهَا فَافْهَمْ.
(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ لِلْآدَمِيِّينَ عَلَى الْآدَمِيِّينَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَاجِبِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ غَيْرَ الْأَبَوَيْنِ عَلَى قَرِيبِهِمْ خَاصَّةً) .
وَذَلِكَ أَنَّ ضَابِطَ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْوَالِدَيْنِ دُونَ الْأَجَانِبِ أُمُورٌ: أَحَدُهَا أَنَّ نَدْبَ طَاعَتِهِمْ وَبِرِّهِمْ مُطْلَقًا أَقْوَى مِنْ نَدْبِ بِرِّ الْأَجَانِبِ مُطْلَقًا الثَّانِي وُجُوبُ اجْتِنَابِ مُطْلَقِ الْأَذَى كَيْفَ كَانَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الِابْنِ الثَّالِثُ وُجُوبُ طَاعَتِهِمَا فِي تَرْكِ النَّوَافِلِ الرَّابِعُ وُجُوبُ طَاعَتِهِمَا فِي تَرْكِ تَعْجِيلِ الْفُرُوضِ الْمُوَسِّعَةِ الْخَامِسُ وُجُوبُ طَاعَتِهِمَا فِي تَرْكِ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَقُومُ بِهَا وَأَمَّا ضَابِطُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْأَجَانِبُ دُونَ الْأَبَوَيْنِ فَهُوَ أَنَّ نَدْبَ بِرِّهِمْ مُطْلَقًا يَضْعُفُ عَنْ نَدْبِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّ طَاعَتَهُمْ فِي تَرْكِ النَّوَافِلِ مَكْرُوهَةٌ تَنْزِيهًا قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ طَاعَتَهُمْ فِي تَرْكِ تَعْجِيلِ الْفُرُوضِ الْمُوَسَّعَةِ وَتَرْكِ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ وَأَنَّ اجْتِنَابَ مُطْلَقِ الْأَذَى غَيْرُ وَاجِبٍ فِي حَقِّهِمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ بَلْ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِمْ اجْتِنَابُ أَذًى مَخْصُوصٌ كَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْحَسَدِ وَإِفْسَادِ الْحَلِيلَةِ وَالْوَلَدِ وَالْخَادِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا عَدَّهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي زَوَاجِرِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَكُلُّ وَاجِبٍ لِلْأَجَانِبِ وَاجِبٌ لِلْأَبَوَيْنِ وَلَا عَكْسَ لُغَوِيًّا قَالَ: الْأَصْلُ وَأَمَّا مَا يَجِبُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ فَلَمْ أَظْفَرْ فِيهِ بِتَفْصِيلٍ كَمَا وَجَدْتُ الْمَسَائِلَ الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْأَبَوَيْنِ بَلْ أَصْلُ الْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ اهـ قُلْت لَكِنْ فِي الزَّوَاجِرِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعُقُوقِ وَقَطْعِ الرَّحِمِ هُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ الْوَلَدِ.