تَنْبِيهٌ جَلِيلٌ) اعْلَمْ أَنَّ نَفْيَ الْمُشْتَرَكِ وَالنَّهْيَ عَنْهُ إنَّمَا يَعُمُّ كَمَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِالْمُطَابَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ أَمَّا إذَا كَانَ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِطَرِيقَةِ الِالْتِزَامِ فَلَا يَلْزَمُ الْعُمُومُ فِي نَفْيِ الْأَفْرَادِ وَلَا فِي النَّهْيِ عَنْهَا فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ لِغُلَامِهِ: أَلْزَمْتُك النَّهْيَ أَوْ النَّفْيُ وَاقِعٌ فِي الدَّارِ لَا يَفْهَمُ مِنْهُ السَّامِعُ إلَّا أَنَّ النَّهْيَ حَاصِلٌ فِي مَنْهِيٍّ لَمْ يُعَيِّنْهُ السَّيِّدُ وَأَنَّ النَّفْيَ وَاقِعٌ فِي الدَّارِ بِاعْتِبَارِ مَنْفِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ عِنْدَ السَّامِعِ فَإِذَا عَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي النَّهْيِ أَوْ النَّفْيِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَفْسِيرًا يَجْرِي مَجْرَى التَّقْيِيدِ لِذَلِكَ الْمُطْلَقِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُخَصَّصًا بِعُمُومٍ وَلَا مُعَارَضًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ظَاهِرِ لَفْظِهِ بِخِلَافِ الْمَدْلُولِ مُطَابَقَةً وَلَوْ قَالَ: نَهَيْتُك عَنْ مُطْلَقِ الْخَمْرِ أَوْ نَفَيْت مُطْلَقَ الْخَمْرِ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَمْرٍ مَخْصُوصٍ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ مُخَصِّصًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ مِنْ الْعُمُومِ فِي لَفْظِ الْخَمْرِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ فَظَهَرَ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْتَرَكِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً وَبَيْنَ الْمَدْلُولِ الْتِزَامًا وَتَظْهَرُ لَك فَائِدَةُ الْفَرْقِ فِي قَاعِدَتَيْنِ فِقْهِيَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمُكْتَسَبَةٌ فَقَطْ بَلْ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَفْعَالٌ مُكْتَسَبَةٌ لِمَنْ يَتَّصِفُ بِالْعَقْلِ فَعَلَى ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْفَرْقُ وَمَتَى ثَبَتَ الْحُكْمُ لِلْمُشْتَرَكِ مِنْ حَيْثُ حَقِيقَتُهُ عَمَّ أَنْوَاعَهُ وَأَشْخَاصَهُ وَمَتَى انْتَفَى الْحُكْمُ عَنْ الْمُشْتَرَكِ مِنْ حَيْثُ حَقِيقَتُهُ عَمَّ أَيْضًا أَنْوَاعَهُ وَأَشْخَاصَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (تَنْبِيهٌ جَلِيلٌ اعْلَمْ أَنَّ نَفِيَ الْمُشْتَرَكِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُشْتَرَكِ إنَّمَا يَعُمُّ كَمَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِالْمُطَابَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِثَالُهُ أَمَّا إذَا كَانَ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ فَلَا يَلْزَمُ الْعُمُومُ فِي نَفْيِ الْأَفْرَادِ وَلَا فِي النَّهْيِ عَنْهَا فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ لِغُلَامِهِ: أَلْزَمْتُك النَّهْيَ أَوْ النَّفْيُ وَاقِعٌ فِي الدَّارِ لَا يَفْهَمُ مِنْهُ السَّامِعُ إلَّا أَنَّ النَّهْيَ حَاصِلٌ فِي مَنْهِيٍّ لَمْ يُعَيِّنْهُ السَّيِّدُ وَأَنَّ النَّفْيَ وَاقِعٌ فِي الدَّارِ بِاعْتِبَارِ مَنْفِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ عِنْدَ السَّامِعِ فَإِذَا عَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي النَّهْيِ أَوْ النَّفْيِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَفْسِيرًا يَجْرِي مَجْرَى التَّقْيِيدِ لِذَلِكَ الْمُطْلَقِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُخَصِّصًا لِعُمُومٍ وَلَا مُعَارِضًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ظَاهِرِ لَفْظِهِ بِخِلَافِ الْمَدْلُولِ مُطَابَقَةً وَلَوْ قَالَ: نَهَيْتُك عَنْ مُطْلَقِ الْخَمْرِ أَوْ نَفَيْت مُطْلَقَ الْخَمْرِ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَمْرٍ مَخْصُوصٍ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ مُخَصِّصًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ مِنْ الْعُمُومِ فِي لَفْظِ الْخَمْرِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ) .
قُلْتُ: مَا قَالَهُ لَيْسَ بِوَاضِحٍ فَإِنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ: أَلْزَمْتُك النَّهْيَ أَوْ النَّفْيُ وَاقِعٌ فِي الدَّارِ لَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي النَّهْيِ وَالنَّفْيِ الْعَهْدَ فِي الشَّخْصِ أَوْ الْعَهْدَ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْعُمُومَ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ فِيهِمَا فَإِنْ أَرَادَ الْعَهْدَ فِي نَهْيٍ مُعَيَّنٍ وَنَفْيٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَوْ الْمَنْفِيُّ وَهُوَ الْمَدْلُولُ الْتِزَامًا مُعَيَّنًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِمَا الْعَهْدَ فِي الْجِنْسِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَدْلُولُ الِالْتِزَامِيُّ كَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ مُعَيَّنًا وَإِذَا كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِهِ وَهُوَ النَّهْيُ أَوْ النَّفْيُ وَقَدْ فَرَضَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَإِنْ أَرَادَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْعُمُومَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعُمُومِ فِي الْمُتَعَلِّقِ فَعَلَى هَذَا لَمْ يَظْهَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَدْلُولِ مُطَابَقَةً وَالْمَدْلُولِ الْتِزَامًا.
قَالَ: (وَتَظْهَرُ لَك فَائِدَةُ الْفَرْقِ فِي قَاعِدَتَيْنِ فِقْهِيَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَدُلُّ عَلَى جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَلْ إنَّمَا يُفْهَمُ الْجُزْئِيُّ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ غَيْرِ اللَّفْظِ فَإِذَا قُلْنَا فِي الدَّارِ جِسْمٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ حَيَوَانٌ وَإِذَا قُلْنَا فِيهَا حَيَوَانٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إنْسَانٌ وَإِذَا قُلْنَا فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ وَإِذَا قُلْنَا فِيهَا مُؤْمِنٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ زَيْدٌ وَلِأَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ الْأَفْرَادِ تَرْكٌ لِظَاهِرِ الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَيْ الْكُلِّ وَالْكُلِّيِّ وَالْكُلِّيَّةِ لَا تُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ جُزْئِيٌّ مُبْهَمٌ كَالنَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ يَجُوزُ فِيهِ الْحَمْلُ عَلَى أَيِّ جُزْئِيٍّ كَانَ غَيْرَ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) مَا أَجْمَعَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ وَهُوَ مَا وَرَدَ مِنْ الْأَوَامِرِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَسَلْبِ النَّقَائِصِ وَمَا يُنْسَبُ إلَى الرَّبِّ تَعَالَى مِنْ التَّعْظِيمِ.
وَالْإِجْلَالِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا إذْ لَيْسَ الْأَصْلُ إهْمَالَ جَانِبِ الرُّبُوبِيَّةِ بَلْ تَعْظِيمَهَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي إجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ الْغَايَاتِ الَّتِي وَصَلُوا إلَيْهَا دُونَ مَا يَنْبَغِي لَهُ تَعَالَى مِنْ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مُتَعَلِّقًا بِأَقْصَى غَايَتِهِ الْمُمْكِنَةِ لِلْعَبِيدِ وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك» وَالْقِسْمُ الثَّانِي مَا أَجْمَعَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ وَهُوَ الْأَقَارِيرُ فَإِذَا قَالَ: لَهُ عِنْدِي دَنَانِيرُ حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ أَدْنَى رُتَبِهَا مَعَ صِدْقِهَا فِي الْآلَافِ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلِذَا قُبِلَ فِي هَذَا الْقِسْمِ التَّفْسِيرُ بِأَقَلِّ الرُّتَبِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا اُخْتُلِفَ فِي حَمْلِهِ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ أَوْ عَلَى أَدْنَاهَا وَلَهُ فُرُوعٌ مِنْهَا فَرْعُ الْحَضَانَةِ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُمُّ إلَى الْإِثْغَارِ أَوْ إلَى الْبُلُوغِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الثَّانِي فَفِي الْمَجْمُوعِ مَعَ شَرْحِهِ وَحَاشِيَتِهِ حَضَانَةُ الذَّكَرِ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ فَلَا يُشْتَرَطُ عَقْلٌ وَلَا قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْأُنْثَى لِنَفْسِ الدُّخُولِ لَا لِلدُّعَاءِ لَهُ فَلَيْسَتْ كَالنَّفَقَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَصْلِ فَالْمُشْكِلُ مَا دَامَ مُشْكِلًا لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحَضَانَةِ كَمَا لِعَبِقِ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَلَا يُمْكِنُ الدُّخُولُ. اهـ.
وَذَلِكَ الْخِلَافُ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -