الْمُحَرَّمَةَ وَمَا عَدَاهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا عَمَلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ فِي الْقِسْمَيْنِ، فَإِنْ ظَفِرَ أَحَدٌ بِقِسْمٍ آخَرَ مُحَرَّمٍ أَضَافَهُ لِهَذِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَهَا أَنَا أُمَثِّلُ كُلَّ قِسْمٍ بِمُثُلِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ لِيُقَاسَ عَلَيْهَا نَظَائِرُهَا
: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَطْلُبَ الدَّاعِي مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الْمُسْتَحِيلَاتِ الَّتِي لَا تُخِلُّ بِجَلَالِ الرُّبُوبِيَّةِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ:
(الْأَوَّلُ) أَنْ يَطْلُبَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ مُطَّلِعًا عَلَى أَحْوَالِ الْإِقْلِيمَيْنِ فَهَذَا سُوءُ أَدَبٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُلُوكِ إلَّا مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِي قُدْرَتِهِمْ وَمَنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَّضَهُمْ لِلْعَجْزِ لَا سِيَّمَا وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ أَنْ لَا يَطْلُبَ إلَّا مَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ لِئَلَّا يَكُونَ مُتَهَكِّمًا بِالرُّبُوبِيَّةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُحَرَّمَةُ، وَمَا عَدَاهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا عَمَلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ فِي الْقِسْمَيْنِ، فَإِنْ ظَفِرَ أَحَدٌ بِقِسْمٍ آخَرَ أَضَافَهُ لِهَذِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَهَا أَنَا أُمَثِّلُ كُلَّ قِسْمٍ بِمُثُلِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ لِيُقَاسَ عَلَيْهَا نَظَائِرُهَا: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَطْلُبَ الدَّاعِيَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الْمُسْتَحِيلَاتِ الَّتِي لَا تُخِلُّ بِجَلَالِ الرُّبُوبِيَّة وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ مُطَّلِعًا عَلَى أَحْوَالِ الْإِقْلِيمَيْنِ فَهَذَا سُوءُ أَدَبٍ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُلُوكِ إلَّا مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِي قُدْرَتِهِمْ وَمَنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَّضَهُمْ لِلْعَجْزِ لَا سِيَّمَا وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ أَنْ لَا يَطْلُبَ إلَّا مَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ لِئَلَّا يَكُونَ مُتَهَكِّمًا بِالرُّبُوبِيَّةِ) .
قُلْت مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ بِالْكَوْنِ فِي مَكَانَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ حَرَامٌ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ غَيْرَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْمُلُوكِ وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِجَوَازِ الْعَجْزِ عَلَيْهِمْ وَامْتِنَاعِهِ عَلَيْهِ تَعَالَى.
وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ أَنْ لَا يَطْلُبَ إلَّا مَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ هُوَ عَيْنُ الدَّعْوَى، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُتَهَكِّمًا بِالرُّبُوبِيَّةِ مَمْنُوعٌ وَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ إلَّا الْقِيَاسَ عَلَى الْمُلُوكِ، وَمَا بَالُهُ يَقِيسُهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِي قَصْدِ التَّعْجِيزِ وَالتَّهَكُّمِ وَلَا يَقِيسُهُ عَلَيْهِمْ فِي قَصْدِ الْمُبَالَغَةِ وَالْغُلُوِّ فِي التَّعْظِيمِ وَالتَّفْخِيمِ فَقَدْ خُوطِبَ الْمُلُوكُ بِنِسْبَةِ الْمُسْتَحِيلَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْعَادِيَّةِ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الْغُلُوِّ فِي تَرْفِيعِهِمْ لَا عَلَى قَصْدِ تَعْجِيزِهِمْ بَلْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مَنْ خَاطَبَ اللَّهَ تَعَالَى بِمِثْلِ ذَلِكَ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّعْظِيمِ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ أَوْ قَاصِدًا لِلتَّعْجِيزِ أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لِهَذَا وَلَا لِهَذَا، فَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لَا حَرَجَ بَلْ يَكُونُ مُطِيعًا مَأْجُورًا، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي يَكُونُ عَاصِيًا وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّالِثِ يَكُونُ مُطِيعًا بِصُورَةِ الدُّعَاءِ مُثَابًا عَلَيْهِ غَيْرَ مُطِيعٍ وَلَا عَاصٍ بِالْقَصْدِ لِعُرُوِّهِ عَنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلُزُومِهَا قَالَ: وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ مَحْسُوبَةٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ لَكِنَّهُ يَلْحَقُ بِهَا سَائِرُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي أُوحِيَ إلَيْهِ فِيهَا مَنَامًا فِي طُولِ الْمُدَّةِ كَرُؤْيَا أَحَدٍ دُخُولَ مَكَّةَ فَتَلَفَّقَ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةٌ أُخْرَى تُزَادُ فِي الْحِسَابِ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَقْرِيرِ الصِّحَّةِ وَحْيُ الْمَنَامِ الْمُتَتَابِعِ فَمَا وَقَعَ فِي غُضُونِ وَحْيِ الْيَقَظَةِ يَسِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى وَحْيِ الْيَقَظَةِ فَهُوَ مَغْمُورٌ فِي جَانِبِ وَحْيِهَا فَلَمْ تُعْتَبَرْ بِهِ وَقَدْ ذَكَرُوا مُنَاسَبَاتٍ غَيْرَ ذَلِكَ يَطُولُ ذِكْرُهَا اهـ وَقَوْلُ الْبَاجِيَّ: وَرُوِيَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ إلَخْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ جُمْلَةُ الرِّوَايَاتِ عَشْرٌ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَا فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ» وَلَهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ مِنْ سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَعِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ» وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي رَزِينٍ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ وَلِابْنِ جَرِيرٍ عَنْ عُبَادَةَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَابْنُ النَّجَّارِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ وَفِي رِوَايَةِ عُبَادَةَ مِنْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ قَالَ الْحَافِظُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ اخْتِلَافِ الْأَعْدَادِ بِأَنَّهُ بِحَسَبِ الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّثَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ كَانَ يَكُونُ لَمَّا أَكْمَلَ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً بَعْدَ مَجِيءِ الْوَحْيِ إلَيْهِ حَدَّثَ بِأَنَّ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ إنْ ثَبَتَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ وَقْتُ الْهِجْرَةِ.
وَلَمَّا أَكْمَلَ عِشْرِينَ حَدَّثَ بِأَرْبَعِينَ، وَلَمَّا أَكْمَلَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ حَدَّثَ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ، ثُمَّ بَعْدَهَا بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ حَدَّثَ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الرِّوَايَاتِ فَضَعِيفٌ، وَرِوَايَةُ خَمْسِينَ يَحْتَمِلُ جَبْرَ الْكَسْرِ وَالسَّبْعِينَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَعَبَّرَ بِالنُّبُوَّةِ دُونَ الرِّسَالَةِ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ بِالتَّبْلِيغِ بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ فَاطِّلَاعٌ عَلَى بَعْضِ الْغَيْبِ، وَكَذَلِكَ الرُّؤْيَا قَالَ قَائِلٌ: فَإِذَا كَانَتْ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ فَكَيْفَ يَكُونُ لِلْكَافِرِ مِنْهَا نَصِيبٌ كَرُؤْيَا صَاحِبَيْ السِّجْنِ مَعَ يُوسُفَ وَرُؤْيَا مَلِكِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ جَالِينُوسَ عَرَضَ لَهُ وَرَمٌ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَتَّصِلُ مِنْهُ بِالْحِجَابِ فَأَمَرَهُ اللَّهُ فِي الْمَنَامِ بِفَصْدِ الْعِرْقِ الضَّارِبِ مِنْ كَفِّهِ الْيُسْرَى فَبَرَأَ أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَافِرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لَهَا فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَرَى مَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ فِي دُنْيَاهُ كَمَا أَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا ثُمَّ لَا يَمْتَنِعُ رُؤْيَتُهُ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ دُنْيَوِيٍّ فَإِنَّ النَّاسَ فِي الرُّؤَى ثَلَاثُ دَرَجَاتِ: الْأَنْبِيَاءُ رُؤْيَاهُمْ كُلُّهَا صِدْقٌ، وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْبِيرٍ، وَالصَّالِحُونَ وَالْغَالِبُ عَلَى رُؤْيَاهُمْ الصِّدْقُ، وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْبِيرٍ، وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْبِيرٍ وَمَا عَدَاهُمْ يَقَعُ فِي رُؤْيَاهُمْ الصِّدْقُ وَالْأَضْغَاثُ، وَهُمْ ثَلَاثَةٌ: مَسْتُورُونَ فَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْحَالِ فِي حَقِّهِمْ