وَلذَا سمي مَا يدْرك بالحواس وَيعلم ضَرُورَة شَاهدا وَسمي مَا يعلم بِشَيْء غَيره وَهُوَ الدّلَالَة غَائِبا كالحياة وَالْقُدْرَة وَسمي الْقَدِيم شَاهدا لكل نجوى لِأَنَّهُ يعلم جَمِيع الموجودات بِذَاتِهِ فالشهادة علم ينتاول الْمَوْجُود وَالْعلم يتَنَاوَل الْمَوْجُود والمعدوم
أَن لمشاهد للشَّيْء هُوَ الْمدْرك لَهُ رُؤْيَة وَقَالَ بَعضهم رُؤْيَة وسمعا وَهُوَ فِي الروؤة أشهر وَلَا يُقَال إِن الله لم
يزل مشاهدا لِأَن ذَلِك يَقْتَضِي إدراكا بحاسة وَالشَّاهِد لَا يَقْتَضِي ذَلِك
أَن الشَّاهِد للشَّيْء يَقْتَضِي أَنه عَالم بِهِ وَلِهَذَا قيل الشَّهَادَة على الْحُقُوق لِأَنَّهَا لَا تصح إِلَّا مَعَ الْعلم بهَا وَذَلِكَ أَن أصل الشَّهَادَة الرُّؤْيَة وَقد شاهدت الشَّيْء رَأَيْته والشهد الْعَسَل على مَا شَوَاهِد فِي مَوْضِعه وَقَالَ بَعضهم الشَّهَادَة فِي الأَصْل إِدْرَاك الشَّيْء من جِهَة سمع أَو رُؤْيَة فالشهادة تَقْتَضِي الْعلم بالمشهود على مَا بَيْننَا والحضور لَا يَقْتَضِي الْعلم المحضور أَلا ترى أَنه يُقَال حَضَره الْمَوْت وَلَا يُقَال شهده الْمَوْت إِذْ لَا يَصح وصف الْمَوْت بِالْعلمِ وَأما الْإِحْضَار فَأَنَّهُ يدل على سخط وَغَضب وَالشَّاهِد قَوْله تَعَالَى (ثمَّ يَوْم الْقِيَامَة من المحضرين)
أَن الْحَكِيم على ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا بِمَعْنى الْمُحكم مثل البديع بِمَعْنى الْمُبْدع والسميع وَالْآخر بِمَعْنى مُحكم وَفِي الْقُرْآن (فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم) أَي مُحكم واذا وصف الله تَعَالَى بالحكمة من هَذَا الْوَجْه كَانَ ذَلِك من صِفَات فعله وَالثَّالِث الْحَكِيم بِمَعْنى الْعَالم بِأَحْكَام الْأُمُور فالصفة بِهِ أخص من الصّفة بعالم وَإِذا وصف الله بِهِ على هَذَا الْوَجْه فَهُوَ من صِفَات ذَاته
أَن الْإِعْلَام التَّعْرِيض لِأَن يعلم الشَّيْء وَقد يكون ذَلِك بِوَضْع الْعلم فِي لاقلب لِأَن الله تَعَالَى قد علمنَا مَا اضطررنا غليه وَيكون الإعلامت بِنصب الدّلَالَة والإخبار الْإِظْهَار للْخَبَر علم بِهِ أَو لم يعلم وَلَا يكون الله مخبر بِمَا يحدثه من الْعلم فِي الْقلب