أَن الإحساس يُفِيد الرُّؤْيَة وَغَيرهَا بالحاسة والايناس يُفِيد الانس بِمَا ترَاهُ وَلِهَذَا لَا يجوز أَن يُقَال إنالله يؤنس ويحس إِذْ لَا يجوز عَلَيْهِ الْوَصْف بالحاسة والانس وَيكون الايناس فِي غير النّظر
أَن الخاطر مُرُور معنى بِالْقَلْبِ بِمَنْزِلَة خطاب مُخَاطب يحدث بضروب الْأَحَادِيث والخواطر تَنْقَسِم بِحَسب الْمعَانِي إِذْ كل معنى فَلهُ خاطر يختصه يُخَالف جنس مَا يمختص غَيره وَمن كَمَال الْعقل تصرف الْقلب بالخواصر وَلَا يَصح التَّكْلِيف إِلَّا مَعَ ذَلِك وَعند أبي عَليّ أَن الخاطر جنس من الْأَعْرَاض لَا يُوجد إِلَّا فِي قلب حَيَوَان وَأَنه شَيْء بَين الْفِكر وَالذكر لِأَن الذّكر علم والفكر جنس من النّظر الَّذِي هُوَ سَبَب الْعلم والخواطر تنبه على الْأَشْيَاء وَتَكون ابْتِدَاء وَلَا تولد علما ومنزلة الخاطر فِي ذَلِك منزلَة التخيل فِي أَنه بَين الْعلم وَالظَّن لِأَنَّهُ تمثل شَيْء من غير حَقِيقَة
وَعند الْبَلْخِي رَحمَه الله أَنه كَلَام يحدثه الله تَعَالَى فِي سمع الْإِنْسَان أَو يحدثه الْملك أَو الشَّيْطَان فَإِذا كَانَ من الشَّيْطَان سمي وسواسا وَإِلَى هَذَا ذهب أَبُو هَاشم رَحمَه الله وَالَّذِي يدل على أَن الخاطر لَيْسَ بِكَلَام مَا يدل من أَفعَال الْأَخْرَس على خطور الخواطر بِقَلْبِه وَهُوَ لَا يعرف الْكَلَام أصلا وَلَا يعرف معانية وَعَن إِبْرَاهِيم أَنه لَا بُد من خاطرين أَحدهمَا يَأْمر بالإقدام وَالْآخر بالكف ليَصِح الِاخْتِيَار وَعَن ابْن الرواندي أَن خاطر الْمعْصِيَة من الله تَعَالَى وَأَن ذَلِك كالعقل والشهوة لِأَن الشَّهْوَة ميل الطَّبْع إِلَى المشتهى وَالْعقل التَّمْيِيز بَين الْحسن والقبيح
أَن الخاطر يكون ابْتِدَاء وَيكون عَن عزوب وَالذكر لَا يكون إِلَّا عَن عزوب لِأَنَّهُ إِنَّمَا يذكر مَا عزب عَنهُ وَهُوَ عرض يُنَافِي النسْيَان