أَن المطالب بإجراءت الْعلَّة فِي الْمَعْلُول يبْدَأ بتقرير خَصمه على جِهَة الاعتلال ثمَّ يَأْتِي بالموضع الَّذِي رام أَن يجْرِي فِيهِ كَا تَقول لأَصْحَاب الصِّفَات إِذا قُلْتُمْ إِن كل مَوْجُود لم يكن غير الله مُحدث فَقولُوا إِن صِفَاته محدثة لِأَنَّهَا لَيست هِيَ الله وَكَذَلِكَ قَوْلك للملحد إِذا قلت إِن الْأَجْسَام قديمَة لِأَن قدمهَا مُتَصَوّر فِي الْعقل فَلَا يتَصَوَّر فِي الْعقل مَا لَا حَقِيقَة لَهُ
أَن الْمَسْأَلَة عَامَّة فِي كل شَيْء والفتيا سُؤال عَن حَادِثَة وَأَصله من الفتاء وَهُوَ الشَّبَاب والفتى الشَّاب والفتاة الشَّابَّة وَتقول للْأمة وان كَانَت عجوزا فتاة لِأَنَّهَا كالصغيرة فِي أَنَّهَا لَا توقر توقير الْكَبِيرَة والفتوة حَال الْغرَّة والحداثة وَقيل للمسألة عَن حَادِثَة فتيا لِأَنَّهَا فِي حَالَة الشَّابَّة فِي أَنَّهَا عَن شَيْء حدث
أَن قلب الْمَسْأَلَة هُوَ الرُّجُوع على السَّائِل بِمثل مُطَالبَته فِي مَذْهَب لَهُ يلْزمه فِيهِ مثل الْملك كَقَوْلِنَا للمجبرة إِذا قَالُوا إِن الْفَاعِل فِي الشَّاهِد لَا يكون إِلَّا جسما فَلَمَّا كَانَ الله فَاعِلا وَجب أَن يكون جسما مَا أنكرتم إِذا كَانَ الْفَاعِل فِي الشَّاهِد لَا يكون إِلَّا مُحدثا مربوبا أَي لَا يكون فِي الْغَائِب الا كَذَلِك وقلب الْمَسْأَلَة يكون بعد الْجَواب فَإِذا كَانَ قبل الْجَواب كَانَ ظلما إِلَّا أَن يَجْعَل على صِيغَة الْجَواب والمعارضة هِيَ أَن يذكر المذهبان جَمِيعًا فَيجمع بَينهمَا وقلب السؤوال لَا يكون إِلَّا ذكر مَذْهَب وَاحِد
إِيصَال الشَّيْء على مَا يجب فِيهِ وَمِنْه أدارء الدّين فلَان حسن الاداء لما يسمع وَحسن الْأَدَاء للْقِرَاءَة والإبلاغ إِيصَال مَا فِيهِ بَيَان للأ فهام وَمِنْه البلاغة وَهِي إِيصَال الْمَعْنى إِلَى النَّفس فِي أحسن صُورَة
أَن الإبلاغ أَشد اقْتِضَاء للمنتهي اليه من الإيصال لِأَنَّهُ يَقْتَضِي بُلُوغ فهمه وعقله كالبلاغة الَّتِي تصل إِلَى الْقلب وَقيل الأبلاغ اخْتِصَار الشي على جِهَة الِانْتِهَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى