الْبَاب الْعشْرُونَ
الْفرق بَين الْكبر والتيه والجبرية والزهور وَبَين مَا يُخَالف ذَلِك من التذلل والخضوع والخشوع والهون وَمَا بسبيل ذَلِك
الْفرق بَين الْكبر والتيه
أَن الْكبر هُوَ إِظْهَار عَظِيم الشَّأْن وَهُوَ فِي صِفَات الله تَعَالَى مدح لِأَن شَأْنه عَظِيم وَفِي صفاتنا ذمّ لن شَأْننَا صَغِير وَهل أهل للعظمة ولسنا لَهَا بَاهل والشأن هَهُنَا معنى صِفَاته الَّتِي هِيَ فِي أَعلَى مَرَاتِب التَّعْظِيم ويستحيل مُسَاوَاة الْأَصْفَر لَهُ فِيهَا على وَجه من الْوُجُوه وَالْكَبِير الشَّخْص وَالْكَبِير فِي السن وَالْكَبِير فِي الشّرف وَالْعلم يُمكن مُسَاوَاة الصَّغِير لَهُ أما فِي السن فبتضاعف مُدَّة الْبَقَاء فِي الشَّخْص تتاعف أجزاوه وَأما بِالْعلمِ فباكتساب مثل ذَلِك الْعلم والتيه أَصله الْحيرَة والضلال وَإِنَّمَا سمي المتكبر تائها على وَجه التَّشْبِيه بالضلال والتحير وَلَا يُوصف الله بِهِ والتيه من الأَرْض مَا يتحير فِيهِ وَفِي الْقُرْآن (يتيهون فِي الأَرْض) أَي يتحيرون
أَن الْكبر مَا ذَكرْنَاهُ والكبرياء هِيَ الْعِزّ وَالْملك وَلَيْسَت من الْكبر فِي شَيْء وَالشَّاهِد قَوْله تَعَالَى (وَتَكون لَكمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض) يَعْنِي الْملك وَالسُّلْطَان والعزة وَأما التكبر فَهُوَ إِظْهَار الْكبر مثل التشجع إِظْهَار الشجَاعَة إِلَّا أَنه فِي صِفَات الله تَعَالَى بِمَعْنى أَنه يحِق لَهُ أَن يعْتَقد أَنه الْكَبِير وَهُوَ على معنى قَوْلهم تقدس
وَتَعَالَى لَا على ترفع علينا وتظيم وَقيل المتكبر فِي صِفَاته بِمَعْنى أَنه المتكبر عَن ظلم عبَادَة
أَن الجبرية أبلغ من الْكبر وَكَذَلِكَ الجبروت وَيدل على هَذَا فخامة لَفظهَا وفخامة اللفط تدل على فخامة الْمَعْنى فِي مَا يجْرِي هَذَا المجرى وَلِهَذَا قَالَ أهل الْعَرَبيَّة الملكوت أبلغ من الْملك لفخامة