الْبَاب السَّادِس عشر
فِي الْفرق بَين الْهِدَايَة الصّلاح والسداد وَمَا يُخَالف ذَلِك من الغي وَالْفساد وَمَا يقرب مِنْهُ
أَن الْإِرْشَاد غلى الشَّيْء هُوَ التطريق اليه والتبين لَهُ وَالْهِدَايَة هِيَ التَّمَكُّن من الْوُصُول اليه وَقد جَاءَت الْهِدَايَة للمهتدي فِي قَوْله تَعَالَى (اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم)
فَذكر أَنهم دعوا بالهداية وهم مهتدون لَا محَالة وَلم يجىء مثل ذَلِك فِي الْإِرْشَاد وَيُقَال أَيْضا هداه إِلَى الْمَكْرُوه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى (فاهدوهم إِلَى صِرَاط الْجَحِيم) وَقَالَ تَعَالَى (إِنَّك لعلى هدى مُسْتَقِيم) وَالْهدى الدّلَالَة فَإِذا كَانَ مُسْتَقِيمًا فَهُوَ دلَالَة الى الصَّوَاب والايمان هدى لنه دلَالَة الى الْجنَّة وَقد يُقَال الطَّرِيق هدى وَلَا يُقَال أرشده الا إِلَى المحبوب والراشد الَّذِي صلح بِمَا فِيهِ نَفسه مِمَّا يبْعَث على الْخَيْر والراشد الْقَابِل لما دلّ عَلَيْهِ من طَرِيق الرش والمرشد الْهَادِي للخير وَالدَّال على طَرِيق الرشد وَمثل ذَلِك مثل من يقف بَين طَرِيقين لَا يدْرِي أَيهمَا يُؤَدِّي الى الْفَرْض الْمَطْلُوب فَإِذا دله عيه دَال فَقده أرشده وغذا قبل هُوَ قَول الدَّال فسلك قصد السَّبِيل فَهُوَ رَاشد وَإِذا بعثته نَفسه على سلوك الطَّرِيق القفاصد فَهُوَ رشيد والرشاد والسداد وَالصَّوَاب حق من يعْمل عَلَيْهِ أَن ينجو وَحقّ من يعْمل على خِلَافه أَن يهْلك
أَن الْبَيَان فِي الْحَقِيقَة إِظْهَار الْمَعْنى للنَّفس كَائِنا مَا كَانَ فَهُوَ من قبيل القَوْل وَالْهدى بَيَان طَرِيق الرشد ليسلك دون طَرِيق الغي إِذا أطلق فَإِذا قيد اسْتعْمل فِي غَيره فَقيل هدى إِلَى النَّار وَغَيرهَا
أَن الصّلاح الاسْتقَامَة على مَا تَدْعُو اليه الْحِكْمَة وَيكون فِي الضّر والنفع كالمرض يكون صلاحا للْإنْسَان فِي وقت