الْبَاب الْخَامِس عشر
فِي الْفرق بَين الْحِفْظ وَالرِّعَايَة والحراسة وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك وَفِي الْفرق بَين الضَّمَان وَالْوكَالَة والزعامة وَمَا يقرب من ذَلِك
الْفرق بَين الْحِفْظ وَالرِّعَايَة
أَن نقيض الْحِفْظ الإضاعة ونقيض الرِّعَايَة الإهما وَلِهَذَا يُقَال للماشية إِذا لم يكن لَهَا رَاع همل وافهمال هُوَ مَا يُؤَدِّي إِلَى الضّيَاع فعلى هَذَا يكون الْحِفْظ رف المكاره عَن الشَّيْء لِئَلَّا يهْلك وَالرِّعَايَة فعل السَّبَب الَّذِي يصرف الماره عَنهُ وَمن ثمَّ يُقَال فلَان يرْعَى العهود بَينه وَبَين فلَان أَي يحفظ الْأَسْبَاب الَّتِي تبقى ت مَعهَا تِلْكَ العهودو وَمِنْه راعي الْمَوَاشِي لتفقده أمورها وَنفي الْأَسْبَاب الَّتِي يخْشَى عَلَيْهَا الضّيَاع فَأَما قَوْلهم للساهر إِنَّه يرْعَى النجومت فَهُوَ تَشْبِيه براعي الْمَوَاشِي لنه يراقبها كَمَا يراقب الرَّاعِي مواشيه
أالكلاءة هِيَ إمالة الشَّيْء إِلَى جَانب يسلم فِيهِ من الافة وَمن ثمَّ يُقَال كلأت السَّفِينَة إِذا قربتها من الأَرْض والكلاء مرفأ السَّفِينَة فالحفظ أَعم لِأَنَّهُ جنس الْفِعْل فَإِن اسْتعْملت إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ فِي مَكَان الْأُخْرَى فلتقارب معنييهما
أَن الحراسة حفظ مُسْتَمر وَلِهَذَا سمي الحارس حارسا لِأَنَّهُ يحرس فِي اللَّيْل كُله أَو لِأَنَّهُ ذَلِك صناعته فَهُوَ يديم فعله واشتقاقه من الحرس وَهُوَ الدَّهْر والحراسة هُوَ أَن يصرف الْآفَات عَن الشَّيْء قبل أَن تصيبه صرفا متسمرا فَإِذا أَصَابَته فصرفها عَنهُ سمي ذَلِك تخليصا وَهُوَ مصدر والأسم الْخَلَاص وَيُقَال حرص الله عَلَيْك
النِّعْمَة أَي صرف الآفة صرفا مستمرا وَالْحِفْظ لَا يتَضَمَّن معنى الِاسْتِمْرَار وَقد حفظ الشَّيْء وَهُوَ حَافظ والحفيظ مُبَالغَة وَقَالُوا الحفيظ فِي أَسمَاء الله بِمَعْنى الْعَلِيم والشهيد فتأويله الَّذِي لَا