ضِدّه حلما وَهَذَا نَحْو صرف الثَّوَاب عَن المتسحق إِلَى غَيره لِأَن ذَلِك يكون ظلما من حَيْثُ حرمه من اسْتَحَقَّه وَيكون سفها من حَيْثُ وضع فِي غير مَوْضِعه وَلَو أعطي مثل ثَوَاب المطيعين من لم يطع لم يكن ذَلِك ظلما لأحد وَلَكِن كَانَ سفها لِأَنَّهُ وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَلَيْسَ يجب أَن تكون إثابه الْمُسْتَحقّين حلما وَإِن كَانَ خلاف ذَلِك سفها فَثَبت بذلك أَن الْحلم يَقْتَضِي بعض الْحِكْمَة وَأَن السفة يضاد مَا كَانَ من الْحلم وَاجِبا لَا مَا كَانَ من تفضلا وَأَن السفة نقيض الْحمة فِي كل وَجه وَقَوْلنَا الله حَلِيم من صِفَات الْفِعْل وَيكون من صِفَات الذَّات بِمَعْنى أهل لِأَن يحلم إِذا عصي وَيفرق بَين الْحلم والإمهال من وَجه آخر وَهُوَ أَن الْحلم لَا يكون إِلَّا عَن الْمُسْتَحق للانتقام وَلَيْسَ كَذَلِك الْإِمْهَال أَلا ترى أَنَّك تمهل غريمك إِلَى مُدَّة وَلَا يكون ذَلِك مِنْك حلما وَقَالَ بَعضهم لَا يجوز أَن يُمْهل أحد غَيره فِي وَقت إِلَّا ليأخذه فِي وَقت آخر
أَن الإنظار مقرون بِمِقْدَار مَا
يَقع فِيهِ النّظر والامهال مُبْهَم وَقيل الإنظار تَأْخِير العَبْد لينْظر فِي امْرَهْ والامهال تَأْخِيره ليسهل مَا يتكلفه من علمه
أَن الْوَقار هُوَ الهدوء وَسُكُون الْأَطْرَاف وَقلة الْحَرَكَة فِي الْمجْلس وَيَقَع أَيْضا على مُفَارقَة الطيش عِنْد الْغَضَب مَأْخُوذ من الوقر وَهُوَ الْحمل وَلَا تجوز الصّفة بِهِ على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
أَن السكينَة مُفَارقَة الِاضْطِرَاب عِنْد الْغَضَب وَالْخَوْف وَأكْثر مَا جَاءَ فِي الْخَوْف أَلا ترى قَوْله تَعَالَى (فَأنْزل سكينته عَلَيْهِ) وَقَالَ (فَأنْزل الله سكينته على رَسُوله وعَلى الْمُؤمنِينَ) ويضاف إِلَى الْقلب كَمَا قَالَ تَعَالَى (هُوَ الَّذِي انْزِلْ الكسينة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ) فَيكون هَيْبَة وَغير هَيْبَة وَالْوَقار لَا يكون إِلَّا هَيْبَة
أَن الرزانة تسعمل فِي الْإِنْسَان وَغَيره