مَا دبر شَيْئا يمسى دبرانا فَأَما قَوْلهم لمُسَيْلمَة رحمان الْيَمَامَة فشيء وَضعه لَهُ أَصْحَابه على وَجه الْخَطَأ كَمَا وضع غَيرهم اسْم الإلهية لغير الله وَعِنْدنَا أَن الرَّحِيم مُبَالغَة لعدوله وَأَن الرَّحْمَن أَشد مبالغ فَكلما كَانَ أَشد عُدُولًا كَانَ أَشد مُبَالغَة
أَن الرقة والغلظة يكونَانِ فِي الْقلب وَغَيره خلقه وَالرَّحْمَة فعل الراحم وَالنَّاس يَقُولُونَ رق لَهُ فرحمه يجْعَلُونَ الرقة سَبَب الرَّحْمَة
أَنه قد يرق الأنسان لمن لَا يشفق عَلَيْهِ كَالَّذي يئد الموءودة فيرق لَهَا لَا محَالة لِأَن طبع الإنسانية يُوجب ذَلِك وَلَا يشفق عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَو أشْفق عَلَيْهَا مَا وأدها
أَن الرافة أبلغ من الرَّحْمَة وَلِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة إِن قَوْله (رؤوف رَحِيم) تَقْدِيمًا وتأخيرا أَرَادَ أَن التوكيد يكون فِي الأبلغ فِي الْمَعْنى فَإِذا تقدم الأبلغ فِي اللَّفْظ كَانَ الْمَعْنى مُؤَخرا
أَن من الْمعْصِيَة مَا يكون مَنْفَعَة وَقد شهد الله تَعَالَى بذلك فِي قَوْله (قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس) وَمَا كَانَت فِيهِ مَنْفَعَة فَهُوَ مَنْفَعَة وَلَا تكون الْمعْصِيَة خيرا وَقد أجريت الصّفة بِنَافِع على الْمُوجب للنفع فَقيل طَعَام ودواء نَافِع
أَن الْمَنْفَعَة تكون حَسَنَة وقبيحة كَمَا أَن الْمضرَّة تكون حَسَنَة وقبيحة وَالْمَنْفَعَة القبيحة منفعتك الرجل تَنْفَعهُ ليسكن اليك فتغتاله وَالنعْمَة لَا تكون إِلَّا حَسَنَة وَيفرق بَينهمَا أَيْضا فَتَقول الْإِنْسَان يجوز أَن ينفع نَفسه وَلَا يجوز أَن ينعم عَلَيْهَا
أَن الْمَتَاع النَّفْع الَّذِي تتعجل بِهِ اللَّذَّة وَذَلِكَ إِمَّا لوُجُود اللَّذَّة وَإِمَّا بِمَا يكون مَعَه اللَّذَّة نَحْو المَال الْجَلِيل وَالْملك