من حَيْثُ يتَوَهَّم إِذا قَالَ يبغضه أَنه يبغضه من وَجه وَيُحِبهُ من وَجه كَمَا إِذا قلت يجهله جَازَ أَن يجهله من وَجه ويعلمه من وَجه وَإِذا قلت لَا يُعلمهُ لم يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ
أَن الْإِنْسَان يجوز أَن يغتاظ من نَفسه وَلَا يجوز أَن يغْضب عَلَيْهَا وَذَلِكَ أَن الْغَضَب إِرَادَة الضَّرَر للمفضوب عَلَيْهِ وَلَا يجوز أَن يُرِيد الْإِنْسَان الضَّرَر والفيظ يقرب من بَاب الْغم
أَن الْغَضَب يكون من الصفير على الْكَبِير وَمن الْكَبِير على الصَّغِير والسخط لَا يكون إِلَّا من الْكَبِير على الصَّغِير يُقَال سخط الْأَمِير على الْحَاجِب وَلَا يُقَال سخط الْحَاجِب على الْأَمِير وَيسْتَعْمل الْغَضَب فيهمَا والسخط إِذا عديته بِنَفسِهِ فَهُوَ خلاف الرِّضَا يُقَال رضيه وَسخطه وَإِذا عديته فَهُوَ بِمَعْنى الْغَضَب تَقول سخط الله إِذا أَرَادَ عِقَابه
أَن الاشتياط خفَّة تلْحق الْإِنْسَان عِنْد الْغَضَب كالطرب فِي الْفَرح وَقد يسْتَعْمل الطَّرب فِي الخفة الَّتِي تعتري من الْحزن والاشتياط لَا يسعمل إِلَّا فِي الْغَضَب وَيجوز أَن يُقَال الاشتياط سرعَة الْغَضَب قَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال نَاقَة مشياط إِذا كَانَت سريعة السّمن استشاط الرجل إِذا التهب من الْغَضَب كَأَن الْغَضَب قد طَار فِيهِ
أَن الْغَضَب الَّذِي توجبه الحمية انْتِقَاض الطَّبْع بِحَال يظْهر فِي تغير الْوَجْه وَالْغَضَب الَّذِي توجبه الْحمة جنس من الْعقُوبَة يضاد الرِّضَا وَهُوَ الفضب الَّذِي يُوصف الله بِهِ
أَن الحرد هُوَ أَن يغْضب الْإِنْسَان فيبعد عَمَّن غضب عَلَيْهِ وَهُوَ من قَوْلك كَوْكَب حريد أَي بعيد عَن الْكَوَاكِب وَحي حريد أَن بعيد الْمحل وَلِهَذَا لَا يُوصف الله تَعَالَى بالحرد وَهُوَ الحرد