الْبَاب السَّابِع
فِي الْفرق بَين أَقسَام الإرادات وَمَا يقرب مِنْهَا وَبَين أَقسَام مَا يضادها ويخالفها وَبَين أَقسَام الافعال
أَن الْمحبَّة تجْرِي على الشَّيْء وَيكون المُرَاد بِهِ غَيره وَلَيْسَ كَذَلِك الارادة تَقول أَحْبَبْت زيدا وَالْمرَاد أَنَّك تجب إكرامه ونفعه وَلَا يُقَال أردْت زيدا بِهَذَا الْمَعْنى وَتقول أحب الله أَي أحب طَاعَته وَلَا يُقَال أريده بِهَذَا الْمَعْنى فَجعل الْمحبَّة لطاعة الله محبَّة لَهُ كَمَا جعل الْخَوْف من عقابة خوفًا مِنْهُ وَتقول الله يحب الْمُؤمنِينَ بِمَعْنى أَنه يريدا اكرامهم وإثابتهم وَلَا يُقَال نه يريدهم بِهَذَا الْمَعْنى وَلِهَذَا قَالُوا إِن الْمحبَّة تكون ثَوابًا وَولَايَة وَلَا تكون الْإِرَادَة كَذَلِك ولقولهم أحب زيدا مزية على قَوْلهم أُرِيد لَهُ الْخَيْر وَذَلِكَ أَنه إِذا قَالَ أُرِيد لَهُ الْخَيْر لم يبين أَنه لَا يُرِيد لَهُ شَيْئا من السوء وَإِذا قَالَ أُرِيد لَهُ الْخَيْر لم يبن أَنه لَا يُرِيد لَهُ شَيْئا من السوء وَإِذا قَالَ أحبه أبان أَنه لَا يُرِيد لَهُ سوءا أصلا وَكَذَلِكَ غذا قَالَ أكره لَهُ الْخَيْر لم يبين أَنه لَا يُرِيد لَهُ المير البته وَإِذا قَالَ أبغضه أبان أَنه لَا يُرِيد لَهُ خيرا البته والمحبة أَيْضا تجْرِي مجْرى الشَّهْوَة فَيُقَال فلَان يحب اللَّحْم أَي يشتهية وَتقول أكلت طَعَاما لاأحبه أَي لَا أشتهية وَمَعَ هَذَا فَإِن الْمحبَّة هِيَ الْإِرَادَة واالشاهد أَنه لايجوز الْإِنْسَان الشَّيْء مَعَ كراعنه لَهُ
الن الشَّهْوَة توقان النَّفس وميل الطباع إِلَى المشتهى وَلَيْسَت من قبيل الْإِرَادَة والمحبة من قبيل الْإِرَادَة
ونقيضها البغضة ونقيض الْحبّ البغض والهشوة تتَعَلَّق بالملاذ فَقَط والمحبة تتَعَلَّق بالملاذ وَغَيرهَا
أَن الصَّدَقَة قُوَّة الْمَوَدَّة مأخوذه من الشَّيْء الصدْق وَهُوَ الصلب الْقوي وَقَالَ أَبُو عَليّ رَحمَه الله الصَّدَقَة اتفاقت الْقُلُوب على الْمَوَدَّة وَلِهَذَا لَا يُقَال إِن الله صديق الْمُؤمن كَمَا يُقَال إِنَّه حَبِيبه وخليله
أَن الشَّهْوَة توقان النَّفس إِلَى مَا يلذ وَيسر واللذة مَا تاقت النَّفس إِلَيْهِ ونازعت الى نيلة فالقرق بَينهمَا ظَاهِرَة