هو أنه قد يرد في المؤلفات التي من هذا القبيل، عند بيان اختلاف العلماء، ذكر بعض الفروق بين القواعد أو المصطلحات الأصولية، من خلال عرض الاختلاف في الأحكام، كالتفريق بين الصحيح والفاسد عند من يقول به، والواجب العيني والواجب الكفائي، والواجب الموسع والواجب المضيق، والفرق بين المكروه تنزيهاً والمكروه تحريماً، والفرق بين الحرام والمكروه تحريماً، وغيرها. فالفروق في الأحكام تقود إلى الكلام عن الفروق بين القواعد والأصول التي أدت إليها. وليس من المستنكر أن يقال إن عدّ مثل هذا ممثلاً للفروق بين القواعد الأصولية ضعيف، لكنه، مع ذلك، يظهر فيه مثل ذلك التمثيل، وإن كان قليلاً وضعيفاً وفي حاجة إلى تأويل، وإنما لجأنا إليه لشحة التأليف في هذا المجال. ولتوضيح ذلك نذكر فيما يأتي بعض الأمثلة التي ينكشف بها معنى ما نقول:
1 - جاء في تأسيس النظر أن الرجل إذا أوجب على نفسه المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لا تلزمه حجة ولا عمرة عند أبي حنيفة، لأن اللفظ تناولها عن طريق العموم، وهو بخلاف ما لو أوجبهما أو أوجب أحدهما على نفسه على جهة الخصوص. أما صاحباه أبو يوسف (ت 182 هـ) (?) ومحمد بن الحسن (ت 189 هـ) فيوجبان