تَعَلُّمُهُ، وَأَنْتَ فِي بَيْتِك قَارٌّ سَاكِنٌ، كَيْ لَا تَحْتَاجَ إلَى بُعْدِ الْأَسْفَارِ، وَطَيِّ الدِّيَارِ، وَرُكُوبِ الْبِحَارِ، وَهُوَ مَعَ ذَا ثَمَرَةُ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ ثَوَابُ الْفَقِيهِ بِدُونِ ثَوَابِ الْمُحَدِّثِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا عِزُّهُ لَهُ بِأَقَلَّ مِنْ عِزِّ الْمُحَدِّثِ، فَلَمَّا سَمِعْت ذَلِكَ نَقَصَ عَزْمِي فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَأَقْبَلْت عَلَى عِلْمِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ عَمَلِهِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنِّهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا نَاظَرْت ذَا فَنٍّ إلَّا وَقَطَعَنِي، وَمَا نَاظَرْت ذَا فُنُونٍ إلَّا قَطَعْته،
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَا أَعْيَانِي إلَّا الْمُنْفَرِدُ.
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: يَنْبَغِي لِمَنْ يُحِبُّ الْعِلْمَ أَنْ يَفْتَنَّ فِي كُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْعُلُومِ، إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مُفْرِدًا غَالِبًا، عَلَيْهِ عِلْمٌ مِنْهَا، يَقْصِدُهُ بِعَيْنِهِ وَيُبَالِغُ فِيهِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: هَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْت فِي هَذَا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، فَخِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا، وَالنَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ: مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تبع لكافرهم2.