مَنْعُهُ, وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مِنْ حَقِّ الْجَارِ عَلَى الْجَارِ أَنْ لَا يَرْفَعَ الْبُنْيَانَ عَلَى جَارِهِ لِيَسُدَّ عَلَيْهِ الرِّيحَ" 1 قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ خَوْفًا مِنْ نَقْصِ أُجْرَةِ مِلْكِهِ, بِلَا نِزَاعٍ, كَذَا قَالَ. وَفِي الْفُنُونِ: مَنْ أَحْدَثَ فِي دَارِهِ دِبَاغَ الْجُلُودِ أَوْ عَمَلَ الصِّحْنَاةِ2, هَلْ يُمْنَعُ؟ يُحْتَمَلُ الْمَنْعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ, 3وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ ضَرَرَ الْبَدَنِ, بَلْ يَتَعَدَّى إلَى الْإِضْرَارِ بِالْعَقَارِ بِنُقْصَانِ أُجْرَةِ الدُّورِ, وَفِيهَا أَيْضًا: هَلْ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ قَنَاةً فِي مِلْكِهِ تَنِزُّ إلَى حِيطَانِ النَّاسِ؟ جَوَّزَهُ قَوْمٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ3. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ, لِأَنَّهُ لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي يَوْمِ رِيحٍ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَجُزْ, لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى حَمْلِهَا إلَى مِلْكِ4 غَيْرِهِ, فَكَذَا هُنَا.
قَالَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ: وَمَنْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَلَحِقَ رَبَّ الْأَرْضِ مِنْ دُخُولِهِ ضَرَرٌ, رَوَى حَنْبَلٌ أَنَّ سَمُرَةَ كَانَ لَهُ نَخْلٌ فِي حَائِطِ أَنْصَارِيٍّ, فَآذَاهُ بِدُخُولِهِ, فَشَكَاهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ لِسَمُرَةَ "بِعْهُ" فَأَبَى, فَقَالَ "نَاقِلْهُ" فَأَبَى, فَقَالَ "هَبْهُ لِي وَلَك مِثْلُهُ فِي الْجَنَّةِ" فَأَبَى, فَقَالَ "أَنْتَ مُضَارٌّ اذهب فاقلع نخله" 5
ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ, فَهَذِهِ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ صححت.