الدُّعَاءِ, وَأَشَارَ إلَى قَبْرِهِ حِينَئِذٍ, وَلَمْ يَعِظْ فِي الْحَرَمِ, لِاغْتِنَامِ الْأَوْقَاتِ.
وَلَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ ضَرْبُ الْجَمَّالِينَ, خِلَافًا لِلْأَعْمَشِ, وَحَمَلَ ابْنُ حَزْمٍ قَوْلَهُ عَلَى الْفَسَقَةِ مِنْهُمْ, وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَمْشِيَ نَاوِيًا بِذَلِكَ الْإِحْسَانَ إلَى الدَّابَّةِ وَصَاحِبِهَا, وَأَنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَمْشِي كَثِيرًا, فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: لِمَ تَمْشِي؟ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُخْبِرَهُ, فَقَبَضَ عَلَى كُمِّهِ وَقَالَ: لَا أَدَعُك حَتَّى تُخْبِرَنِي, قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أُخْبِرَكَ. فَقَالَ: أَلَيْسَ يُقَالُ فِي حُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قُلْت: بَلَى, قَالَ: فَإِنَّ هَذَا مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ مَعَ الْجَمَّالِ, أَلَيْسَ يُقَالُ: مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ؟ قُلْت: بَلَى, قَالَ: هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَنَحْنُ نَمْشِي فِيهِ, أَلَيْسَ يُقَالُ: إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ؟ قُلْت: بَلَى, قَالَ: فَإِنَّ هَذَا الْجَمَّالَ كُلَّمَا مَشَيْنَا سَرَّهُ قُلْت: بَلَى. قَالَ السَّائِلُ: هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ.
وَيُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ تَسْيِيرِ الْحَجِيجِ كَوْنُهُ مُطَاعًا ذَا رَأْيٍ وَشَجَاعَةٍ وَهِدَايَةٍ, وَعَلَيْهِ جَمْعُهُمْ وَتَرْتِيبُهُمْ وَحِرَاسَتُهُمْ فِي الْمَسِيرِ وَالنُّزُولِ وَالرِّفْقُ بِهِمْ وَالنُّصْحُ, وَيَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ, وَيُصْلِحُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ, وَلَا يَحْكُمُ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ, فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: يَلْزَمُهُ عِلْمُ خُطَبِ الْحَجِّ وَالْعَمَلُ بِهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ جَرَّدَ مَعَهُمْ وَجَمَعَ لَهُ مِنْ الْجُنْدِ الْمُقَطَّعِينَ1 مَا يُعِينُهُ2 عَلَى كُلْفَةِ الطَّرِيقِ أُبِيحَ لَهُ, ولا ينقص أجره, وله
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .