أصحابنا إباحة السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: غَيْرُ مُكَاثِرٍ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ، وَحَرَّمَهُ فِي الْمُبْهِجِ.

قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ1 بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ مَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَمَّا سُورَةُ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] فَتَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ لِمَنْ شَغَلَهُ عَنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ، وَالتَّكَاثُرُ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ، أَوْ مُحْتَمِلٌ، فَيُكْرَهُ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الِاتِّسَاعَ فِي الْمَكَاسِبِ وَالْمَبَانِي مِنْ حِلٍّ إذَا أَدَّى جَمِيعَ حُقُوقِ اللَّهِ قَبْلَهُ مُبَاحٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فمن كاره ومن غير كاره.

ـــــــــــــــــــــــــــــQكلامهم: جَوَازُ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيُسَنُّ لِمُسَافِرٍ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ، انْتَهَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ2 يُقَوِّي هَذَا، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ مَنَعُوا مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْعَهُمْ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَشَقَّةِ بِنَزْعِهَا، لَا لِكَوْنِهَا مَكْرُوهَةً، وَلَوْ عَلَّلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ لَكَانَ الصَّحِيحُ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَقَدْ قَالَ بِالْجَوَازِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ على ما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015