أخطأ، فلا يتضجَّر، ولا يتبرَّم، ولا يَيْأس من روح الله تعالى، فخطأُ هذا الباب أحبُّ إلى الله من الإصابة في أنواع اللعب سواه.

ولا يشتم قوسه، ولا سهمه، ولا نفسه (?)، ولا أستاذه؛ فإن هذا كله من الظُّلْم والعُدْوان، ولْيصابر الرمي وإن كثر خطؤه، فيوشك أن ينقلب الخطأ صوابًا، وليعلم أن الخطأ مقدمة الصواب، والإساءة مقدِّمة الإحسان.

ولقد حُكِيَ عن بعض أكابر العلماء أنه تكلَّم يومًا في مسألة، فأصاب، فاستحسنه الحاضرون، وقالوا: أحسنت والله، فقال: واللهِ ما قيل لي أحسنت حتى احمرَّ وجهي من خطئي فيها كذا وكذا مرة، أو كما قال.

ولا يفتُّ في عضده ما يرى من إصابة غيره، وحذقه، وعدم وصوله هو إلى تلك المرتبة؛ فإن هذا ليس بنقص [ح 175]، بل النَّقص كل النقص أن تتقاصر همَّته عن البلوغ إلى درجة ذلك، ولا يحدِّث نفسه بأن يصل إلى ما وصل إليه، فهذا هو الذي لا يفلح؛ فإنَّ المُعَوَّل على الهِمَم، وقد قيل:

إذا أَعْجَبَتْكَ خِصالُ امْرِئٍ ... فَكُنْهُ يَكُنْ مِنْكَ مَا يُعْجِبُكْ

فلَيْسَ عَلى الجُودِ والمَكْرُمَاتِ ... إذا جِئْتَهَا حَاجِبٌ يَحْجُبُكْ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015