السَّبَق من كلِّ باذل.
قالوا: وأما قولكم: "إنه لا تطيب نفسه بأكل ماله"؛ فإنه لمّا التزم بذله عن كونه مغلوبًا؛ حلَّ للغالب أكله بحكم التزامه الاختياريِّ الذي لم يجبره أحدٌ عليه، فهو كما لو نَذَرَ إنْ سَلَّم الله تعالى غائبه أن يتصدَّق على فلان بكذا وكذا، فَوُجِدَ الشّرطُ؛ فإنه يلزمه إخراجُ ما الْتَزَمَه، ويَحِلُّ للآخر أكله، وإن كان عن غير طيب نفسه.
قالوا: والذي حرَّمه الشارع من أكل مال المسلم بغير طيب نفس (?) منه، هو أن يكون مُكْرَهًا (?) على إخراج [ح 111] ماله، فأما إذا كان بذله والتزامه باختياره؛ لم يدخل في الحديث. [ظ 52].
فصلٌ
* وقالت طائفة أخرى: يجوز أن يَبْذُل السَّبَق أحدُهما، فيقول: إن سبقتني فلك كذا. ويكره أن يقول: إن سبقتك فعليك كذا. فيجوز أن يكون باذلًا، ويُكرَه أن يكون طالبًا متقاضيًا.
وهذا مذهب: إبراهيم النخعي، وعكرمة مولى ابن عباس، وجماعة من أصحاب عبد الله بن مسعود.
قال إبراهيم بن يعقوب السَّعْدِي في كتابه "المترجم": حدثنا أبو صالح: أخبرنا أبو إسحاق عن الأعمش عن إبراهيم؛ قال: "كان عَلْقَمةُ له بِرْذَوْنٌ يراهِنُ عليه"، فقلتُ لإبراهيم: كيف كانوا يصنعون؟