وهذه غير طريقة الرَّاسخين في العلم، وإنما هي طريقة عامَّيَّة، تَلِيْقُ بمَن بِضَاعَتهم من كتاب الله والسنة مُزْجَاة.
وأما أهل العلم الذين هم أهله؛ فالشذوذ عندهم والمخالفة القبيحة هي الشذوذ عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومخالفتها، ولا اعتبار عندهم بغير ذلك، ما لم يُجْمِع المسلمون على قولٍ واحدٍ (?)، ويُعْلَم إجماعُهم يَقِيْنًا، فهذا الذي لا تَحِلُّ مخالفته.
ونحن نقول لمنازعينا في هذه المسألة: إذا كان القول ببطلان المحلِّل باطلًا مخالفًا للكتاب والسنة والإجماع، فلا بدَّ أن تكون أدلَّة بطلانه ظاهرة لا تخفى، وقويَّة لا تضعف، ولا يمكن أن تكون أدلَّة القول الباطل المخالف للإِجماع قويَّةً كثيرةً، ولا يمكنكم إبطالها ولا معارضتها، فإن بيَّنْتُم بطلان هذه الأدلَّة بأقوى منها وأظهر؛ فالرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل (?)، وإن لم يكن بأيديكم إلا بعض ما قد (?) حكينا عنكم؛ فإنا ذكرنا لكم من الأدلَّة ما لم يوجد عندكم ألْبَتَّة، ولا ذَكَرَهُ أحدٌ ممَّن انتصر لقولكم، ثم ذكرنا من الكلام عليها دليلًا دليلًا (?) ما إن كان باطلًا؛ فردُّه مقدور ومأمورٌ به (?)، [ح 98] وإن كان حقًّا؛ فمتَّبعُه محسنٌ، وما على المحسنين من سبيل.