فصلٌ
قالوا (?): وأما دليلكم الثالث: وهو حديث أبي هريرة: "لا جَلَب ولا جَنَب، وإذا لم يُدْخِل المتراهنان فرسًا يستبقان على السبق فيه فهو حرام".
فحديث لا تقوم به حُجَّة، ولا يَثْبت بمثله حُكْم؛ فإن راويه مجهول العَيْنِ والحال، لا يُعْرَف اسْمُه، ولا نَسَبُه، ولا حَاله؛ إلا أنه رجلٌ من بني مخزوم، ومثل هذا لا يُحتجُّ بحديثه باتِّفاق أهل الحديث.
وأيضًا، فإن هذا الحديث منكر؛ فإن هذا المجهول تفرَّد به من بين أصحاب أبي الزِّنَاد كلِّهم، مع اعتنائهم بحديثه، وحفظهم له، فكيف يفوتُهم ويظفر به مجهول العين والحال؟!
والذي يظهر منه (?) أن هذه الزيادة من كلام أبي الزناد، أُدْرِجت في الحديث، والحديث المحفوظ عن [ح 93] عن أبي هريرة ما رواه الناس عنه: "لا جَلَب ولا جَنَب" فقط؛ فحدَّث به أبو الزِّناد، ثم أتبعه من عنده: "وإذا لم يُدْخِل المتراهنان فرسًا" إلى آخره، فحمله هذا الراوي المجهول عنه، وحدَّث به من غير تَمْييز.
وبالجملة فالكلام في هذا الحديث كالكلام في الذي قبله، بل بطلانه أظهر، والله أعلم.