الْمُتَعَاقدين عُقُود الْمُعَاوَضَات والمشاركات جائزها ولازمها وَإِذا كَانَ مبْنى الْعُقُود على الْعدْل من الْجَانِبَيْنِ فَكيف يُوجب فِي عقد من الْعُقُود أَن يبْذل أحد الْمُتَعَاقدين وَحده دون الآخر وَكِلَاهُمَا فِي الْعَمَل وَالرَّغْبَة سَوَاء وكل وَاحِد مِنْهُمَا رَاغِب فِي السَّبق وَالْكَسْب فَمَا الَّذِي جوز الْبَذْل لأَحَدهمَا دون الآخر
قَالُوا وَأَيْضًا فالمحلل كأحدهم فِي الْعَمَل وَالرَّغْبَة فَمَا الَّذِي أوجب عَلَيْهَا بذل ماليهما إِن سبقهما وَحرم عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمَا بذل مَاله لَهما إِن سبقاه مَعَ تساويهم فِي الْعَمَل من كل وَجه فَأَي قِيَاس أَو أَي نظر أَو أَيَّة حِكْمَة أَو أَيَّة مصلحَة توجب ذَلِك
قَالُوا بل دُخُول الْمُحَلّل بَينهمَا يضرهما وَلَا ينفعهما فَهُوَ لم يزدهما إِلَّا ضَرَرا فَإِنَّهُ إِن سبقهما أكل مَالهمَا وَإِن سبقاه لم يأكلا مِنْهُ شَيْئا وَأما إِذا لم يدْخلَاهُ فَإِنَّهُ أَيهمَا سبق صَاحبه أَخذ مَاله وَإِن لم يسْبق أَحدهمَا الآخر أحرز كل وَاحِد مِنْهُمَا مَال نَفسه وَهَذَا أعدل لِأَن الْغَالِب يَأْخُذ بِعَمَلِهِ والمغلوب يغرم لِأَنَّهُ بذل المَال لمن يغلبه وَأما الْمُحَلّل فَإِنَّهُ إِن كَانَ غَالِبا غنم وَإِن كَانَ مَغْلُوبًا سلم وَصَاحب المَال إِن كَانَ مَغْلُوبًا غرم
قَالُوا فَمُقْتَضى الْقيَاس فَسَاد العقد بالمحلل
قَالُوا وَأَيْضًا فالمحلل عنْدكُمْ على خلاف الْقيَاس وَإِنَّمَا احتملتموه للضَّرُورَة حَتَّى قَالَ أَبُو الْحسن الْآمِدِيّ