فصل
الْمصلحَة الراجحة المتضمنة لما يُحِبهُ الله وَرَسُوله تَقْتَضِي عدم إِدْخَال الْمُحَلّل بَين المتسابقين وأوجه ذَلِك
الْقسم الثَّانِي عكس هَذَا وَهُوَ مَا فِيهِ مصلحَة راجحة وَهُوَ مُتَضَمّن لما يُحِبهُ الله وَرَسُوله معِين عَلَيْهِ ومفض إِلَيْهِ فَهَذَا شَرعه الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ وَشرع لَهُم الْأَسْبَاب الَّتِي تعين عَلَيْهِ وترشد إيه وَهُوَ كالمسابقة على الْخَيل وَالْإِبِل والنضال الَّتِي تَتَضَمَّن الِاشْتِغَال بِأَسْبَاب الْجِهَاد وَتعلم الفروسية والاستعداد للقاء أعدائه وإعلاء كَلمته وَنصر دينه وَكتابه وَرَسُوله فَهَذِهِ المغالبة تطلب من جِهَة الْعَمَل وَمن جِهَة أكل المَال بِهَذَا الْعَمَل الَّذِي يُحِبهُ الله تَعَالَى وَرَسُوله وَمن الْجِهَتَيْنِ مَعًا
وَهَذَا الْقسم جوزه الشَّارِع بالبرهان تحريضا للنفوس عَلَيْهِ فَإِن النَّفس يصير لَهَا داعيان دَاعِي الْغَلَبَة وداعي الْكسْب فتقوى رغبتها فِي الْعَمَل المحبوب لله تَعَالَى وَرَسُوله فَعلم أَن أكل المَال بِهَذَا النَّوْع أكل لَهُ بِحَق لَا بباطل وَمَعْلُوم أَن دُخُول الْمُحَلّل يضعف هَذَا الْغَرَض ويفتر عزم الأقران فَهُوَ يعود على مَطْلُوب الشَّارِع بالإبطال فَإِن المتسابقين مَتى رَأيا بَينهمَا دخيلا مستعارا يَأْكُل مَالهمَا إِن غلب وَلَا يأخذان مِنْهُ شَيْئا إِن غلباه فترت عزيمتهما وَضعف حرصهما
وَمَعْلُوم أَن هَذَا لَا إِعَانَة فِيهِ على هَذَا الْعَمَل وَلَا تَقْوِيَة فِيهِ للرعية وَلَا هُوَ أدّى إِلَى تَحْصِيل المَال الْبَاعِث على الْعَمَل فَالْعقد بِدُونِهِ أقرب إِلَى